يتناول ذلك أجمع، وذوو القربى أولى، فإن لم يكن فمن بينه وبينه رضاع، فإن لم يكن فالجيران، فإن لم يكن فسائر الفقراء.
فأما إذا أوصى بثلث ماله في الرقاب، فهم المكاتبون عندنا والعبيد أيضا، ويصرف إلى مكاتبي أهل بلده، ويستحب أن يعمهم، فإن خص فلا يجوز أن ينتقص من ثلاثة لأنه أقل الجمع، وإن نقص ضمن على ما مضى بيانه.
وإن أوصى بصرف ثلث ماله في الغارمين، فالغارمون ضربان: ضرب استدانوا لصلاح ذات البيت، وضرب استدانوا لمصلحة أنفسهم وعيالهم.
فمن كان استدان لصلاح ذات البين مثل أن وجد قتيلا في محلة فتحمل ديته، وما أشبه ذلك، فإنه يجوز دفع الزكاة إليه، مع الغنى والفقر حتى يقضي ما عليه.
ومن استدان لصلاح نفسه وعياله يعتبر حاله، فإن كان غنيا فإنه لا يدفع إليه من الزكاة، وإن كان فقيرا فإن كان أنفقه في طاعة جاز أن يدفع إليه، وإن كان أنفقه في معصية فما دام مقيما على ذلك فلا يجوز أن يدفع إليه، ومتى تاب منها فعندنا لا يجوز أيضا دفعه إليه ليقضي ذلك الدين، ومن الناس من أجازه، فكل موضع قلنا: يجوز دفع الزكاة إليه، جاز دفع الوصية إليه، وكل موضع قلنا:
لا يجوز دفع الزكاة إليه، لم يجز أيضا دفع الوصية إليه.
وأما إن أوصى أن يصرف ثلث ماله في سبيل الله، فسبيل الله هم الغزاة وهم على ضربين: أحدهما هم المرابطون المترصدون للقتال، فهؤلاء يدفع إليهم من الزكاة لأنه يصرف إليهم أربعة أخماس الغنيمة، والضرب الثاني هم أصحاب الصنائع الذين إذا نشطوا غزوا، ثم عادوا إلى حرفتهم، فهؤلاء يدفع إليهم من الزكاة، مع الغنى والفقر وهكذا الوصية، وفي أصحابنا من قال: إن سبيل الله يدخل فيه مصالح المسلمين كلها ويدخل فيه الحج وغيره.
وإذا أوصى بثلث ماله في أبناء السبيل، فأبناء السبيل ضربان: أحدهما المجتازون، والثاني هو المنشئ للسفر من عندنا، فمن كان مجتازا فإنه يجوز دفع