مات الموصي، وخرج ثلثا ذلك العبد أو تلك الدار مستحقا فإن الوصية تصح في الثلث الباقي، إذا خرج من الثلث، وقال قوم: يصح في ثلث ذلك الثلث، والأول أصح.
الفقراء والمساكين عندنا صنفان، والفقير أسوأ حالا وأشد حاجة، لأن الفقير من لا يملك شيئا أو له شئ لا يسد خلته، والمسكين من له بلغة من العيش قدر كفايته.
إذا ثبت ذلك فإذا أوصى رجل لهم بثلث ماله فلا يخلو: إما أن يوصي به لصنف واحد أو لهما.
فإن أوصى لصنف واحد مثل أن يقول: ثلثي يفرق في الفقراء، أو اصرفوا في المساكين، فلا خلاف أنه يجوز صرفه إلى الصنفين معا، ويحتاج أن يفرق في فقراء ومساكين ذلك البلد، ومن جوز نقل الصدقة من بلد إلى بلد جوز هاهنا مثله.
وإذا ثبت أنه يصرف في فقراء بلده فالمستحب أن يعم الكل، فإن خص البعض فلا يجوز أن ينقص من ثلاثة، لأنه أقل الجمع، فإن دفع إلى اثنين ضمن نصيب الثالث، وكم يضمن؟ قيل فيه وجهان: أحدهما يضمن ثلث ذلك، والثاني يضمن القدر اليسير الذي لو دفع إليه ابتداء أجزأه.
فأما إذا أوصى بثلثه للصنفين مثل أن يقول: ثلث مالي اصرفوا في الفقراء والمساكين، فإنه يجب صرفه إلى الصنفين معا لأنه ذكرهما معا ويفرق في كل فقراء ومساكين أهل بلده، فالمستحب أن يعم الكل، فإن خص بعضهم فلا يجوز أن ينقص من ثلاثة من كل واحد من الصنفين، وإن نقص ضمن كما قلناه، ولو قال: ضع ثلث مالي حيث يراك الله، أو ضعه في سبيل البر والثواب، فإنه يصرفه في الفقراء والمساكين، ويستحب أن يصرفوا إلى فقراء آل رسول الله صلى الله عليه وآله، وفقراء قرابته من النسب.
ويجوز عندي أيضا أن يصرفه في غير ذلك من أبواب البر، لأن الاسم