وإن أطلق، فيهم من قال: يحج من ثلثه، وذهب الأكثر إلى أنه من رأس المال، وهو مذهبنا لأن حجة الإسلام عندنا من رأس المال على كل حال إلا أن يقيدها بالثلث، فيكون من الثلث.
الرابع أن يقول: حجوا عني واسقوا عني وأطعموا عني، بما يكون مخرجه من الثلث، فمن قال هناك: مخرجه من الثلث، قال هاهنا مثله، ومن قال: من رأس المال، قال هاهنا مثله، وقد قلنا إن عندنا يكون من رأس المال على كل حال إذا كانت حجة الإسلام إلا أن يقيدها بالثلث، وإن كانت تطوعا فمن الثلث، وما عدا الحج يكون من الثلث لا غير.
وكل موضع قلنا: يحج من رأس ماله، فإنه يخرج من الميقات، وكل موضع قلنا: يحج من ثلثه، فمن أين يجزئه؟ فيهم من قال: من حيث أثبته الشرع والذي أثبته الإحرام من دويرة أهله، والإحرام من الميقات رخصة، وفيهم من قال:
يحرم من الميقات، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
إذا كان عليه حجة الإسلام فأوصى أن يحج من ثلث ماله، وأوصى بوصايا أخر، ومات، فهل يقدم الحج على سائر الوصايا أو يسوى بين الكل؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما: إن الثلث يتقسط على الحج وغيره، فإن كان ما يخص الحج يمكن أن يحج به صرف إليه، ولا كلام، وإن كان أقل فإنه يتم من أصل المال، لأن حجة الإسلام من رأس المال، وإنما خصه بالوصية لرضا الورثة.
الوجه الثاني: إن الحج مقدم على غيره، لأن الحج واجب، وما عداه ليس بواجب، وهذا الذي تدل عليه روايات أصحابنا، فعلى هذا يحج من الثلث، فإن لم يبق شئ بطلت سائر الوصايا وإن فضل صرف إلى غيره من الوصايا.
وإذا أوصى فقال: حجوا عني بثلثي حجة، ومات فقد أوصى بأن يحج عنه بجميع ثلثه، فينظر فيه، فإن كان ثلث ماله بقدر أجرة من يحج عنه، فإن للموصي أن يستأجر من يحج عنه، سواء كان وارثا أو أجنبيا بلا خلاف، وإن كان ثلث