وإن وضعته بعد وفاة الموصي ففيه مسألتان: إحديهما أن تضع قبل قبول الوصية، والثانية أن تضع بعد القبول، فإن وضعت بعد وفاة الموصي وقبل القبول، ففيه ثلاث مسائل: إحداها أن يكون حبلت بعد الوفاة، الثانية أن تكون حبلت بعد الوصية وقبل الوفاة، الثالثة حبلت قبل الوصية.
فالأولى: إذا حبلت بعد وفاة الموصي ووضعت قبل القبول، فهو أن تأتي به من حين الوفاة لستة أشهر وأكثر، فالظاهر أنها حبلت بعد وفاته، لأنها أتت لأقل مدة الحمل، فيحكم بأن الولد حادث بعد وفاته، وما الحكم فيه؟ يبني على أن الملك متى ينتقل إلى الموصى له؟ فمن قال: تنتقل بشرطين بموت الموصي والقبول، فهاهنا لم يوجد أحد الشرطين، فهي بعد في حكم ملك الميت، وهذا إنما تميز في ملكه فيكون مملوكا لورثته، فإذا قبل الوصية تصير الجارية مملوكة له، ولا تصير أم ولد، لأنها علقت في ملك غيره، ومن قال: إنه مراعى وبالقبول، تبين أن الملك انتقل إليه بوفاته يحكم بأنه ملك الجارية بوفاة الموصي، ولما حبلت علقت بحر وتصير أم ولده، وليس على الولد ولاء.
المسألة الثانية: أن تكون حبلت بعد الوصية قبل الوفاة، فتأتي به لستة أشهر فأكثر من حين الوفاة، ولأقل من ستة أشهر من حين القبول، فإنها تبنى على أن الحمل هل له حكم أم لا؟
فمن قال: له حكم، قال: الولد يكون مملوكا للموصي، وينتقل إلى الورثة بوفاته، لأنه نماء في ملكه، فهو كما لو أوصى بشجرة فأثمرت قبل وفاته فإن الثمرة تكون له، ومتى ملك الموصى له الجارية إما بالوفاة أو بشرطين لا تكون أم ولده.
ومن قال: لا حكم له، قال: هذا يبني على أنه متى تنتقل، فإن قيل:
بشرطين، فهي بعد في حكم ملك الميت والنماء لورثته، ويملك الجارية بالقبول، وينفسخ النكاح، ولا تصير أم ولده، ومن قال: ينتقل إليه بالوفاة، قال: يملكها بالوفاة وينفسخ النكاح، ويملك الحمل ويعتق عليه، ويكون له عليه الولاء، والجارية لا تصير أم ولده لأنها علقت بمملوك في ملك الغير.