لأن الشافعي يقول: إن الصلح فرع البيع، فذهب إلى قول الشافعي في هذه المسألة، والصحيح خلاف ذلك وأنه يجوز الصلح على الثوب المذكور بالدينارين بغير خلاف بين أصحابنا الإمامية، وشيخنا أبو جعفر في مبسوطه قال لما ذكر مقالة الشافعي: ويقوى في نفسي أنه يكون هذا الصلح أصلا قائما بنفسه ولا يكون فرع البيع ولا يحتاج إلى شرائط البيع، واعتبار خيار المجلس على ما بيناه فيما مضى.
ويجوز الصلح على الانكار كما يجوز الصلح على الإقرار.
فأما صورة الصلح على الانكار هو أن يدعي على رجل عينا في يده أو دينا في ذمته وأنكر المدعى عليه، ثم صالحه منه على مال اتفقا عليه يصح الصلح ويملك المدعي المال الذي يقبضه من المدعي عليه ظاهرا وباطنا إن كان صادقا في دعواه وليس له أن يرجع فيطالبه به، ولا يجب على المدعي رده عليه، ويسقط دعوى المدعي فيما ادعاه، وإن كان قد صرح بإبرائه فيما ادعاه وإسقاط حقه عنه كان صحيحا وغاية في المقصود، وإن كان في دعواه كاذبا فإن المدعي يملك المال الذي يقبضه من المدعى عليه ظاهرا ويجب على المدعي رده عليه.
وإذا أخرج الانسان من داره روشنا إلى طريق المسلمين النافذ فإن كان غالبا لا يضر بالمارة ترك ولم يقلع، فإن عارض فيه واحد من المسلمين قال قوم من المخالفين: يجب قلعه، وقال آخرون منهم: لا يجب قلعه.
والقول الأول اختاره شيخنا أبو جعفر في الجزء الثاني من مبسوطه، والقول الأخير اختاره أيضا في الجزء الثالث من مسائل خلافه وهو الصحيح الذي يقوى في نفسي، لأن المسلمين من عهد الرسول ع إلى يومنا هذا وهو سنة سبع وثمانين وخمس مائة لم يتناكروا فيما بينهم ذلك، وسقيفة بني ساعدة وبني النجار في المدينة معروفتان ما أنكرهما أحد من المسلمين، ونفس الطريق غير مملوكة وإنما يملك المسلمون منافعها دون رقبتها، فهم مشتركون في المنافع لأن الشركة قد تكون في المنافع دون الأعيان وقد تكون في الأعيان والحقوق.
فأما الشركة في الأعيان فالميراث، وأما الشركة في الحقوق دون الأعيان فمثل الاشتراك في حق