ضمن الدرهمين عن الميت: جزاك الله عن الاسلام خيرا وفك رهانك كما فككت رهان أخيك، وقوله لأبي قتادة لما ضمن الدينارين: هما عليك والميت منهما برئ قال: نعم، فدل أن المضمون عنه يبرأ من الدين بالضمان.
ولا يرجع الضامن على المضمون عنه بما ضمنه إذا ضمن بغير إذنه، فإن كان أذن له في الضمان رجع عليه بدليل الاجماع المشار إليه، سواء أذن في الأداء أو لم يأذن لأنا قد بينا أن الحق انتقل إلى ذمته فلا حاجة إلى استئذانه في القضاء.
ويحتج على المخالف في المسألة الأولى بخبر على ع وأبي قتادة لأن ضمانهما لما كان بغير إذن لم يكن لهما الرجوع على المضمون عنه، لأن ذلك لو كان لهما لم يكن في الضمان فالدين باقيا على الميت كما كان.
ويصح ضمان الدين عن الميت المفلس لأنه لا مانع من ذلك ولأن النبي ص أجاز الضمان مطلقا في الخبر المتقدم ولم يستفهم عن حال الميت.
وإذا تكفل ببدن انسان وضمن إحضاره بشرط البقاء صح بلا خلاف إلا ما رواه المروزي من قول آخر للشافعي، وإذا طولب بإحضاره وهو حي فلم يحضره لزمه أداء ما يثبت عليه في قول من أجاز كفالة الأبدان، وإن مات قبل ذلك بطلت الكفالة ولم يلزمه أداء شئ مما كان عليه بلا خلاف بين من أجاز هذه الكفالة إلا من مالك وابن سريج، ويدل على ذلك إجماع الطائفة لأن الأصل براءة الذمة وشغلها يحتاج إلى دليل، وأيضا فهذه الكفالة إنما كانت ببدنه لا بما في ذمته ولا يجب عليه ما لم يتكفله، ولو قال: إن لم آت به في وقت كذا فعلى ما يثبت عليه، لزمه ذلك إذا لم يحضره - حيا كان أو ميتا - بدليل الاجماع المشار إليه ولأنه قد تكفل بما في ذمته فيلزمه أداؤه.