شك في لزوم الدية على مال الجاني أو الأقرب فأقرب أو على بيت المال أو الإمام عليه الصلاة والسلام يكون المقام من باب العلم الاجمالي بين المكلفين و المعروف في مثله البراءة ولم يظهر وجهها فإنه مع عدم جواز الإذن في المخالفة القطعية بالنسبة إلى مكلف واحد كيف يجوز بالنسبة إلى المكلفين أو الأكثر وأما ما ذكر في المسألة الرابعة فالرواية المشار إليها رواية أبان عمن أخبره عن أحدهما عليهما السلام قال: (أتي عمر بن الخطاب برجل قد قتل أخا رجل فدفعه إليه وأمره بقتله فضربه الرجل حتى رأى أنه قد قتله فحمل إلى منزله فوجدوا به رمقا فعالجوه فبرء، فلما خرج أخذه أخ المقتول الأول فقال: أنت قاتل أخي ولي أن أقتلك، فقال: قد قتلتني مرة، فانطلق به إلى عمر فأمر بقتله فخرج فهو يقول: والله قتلتني مرة، فمروا على أمير المؤمنين صلوات الله عليه فأخبره خبره، فقال: لا تعجل حتى أخرج إليك، فدخل على عمر، فقال: ليس الحكم فيه هكذا، فقال: ما هو يا أبا الحسن (عليه السلام) فقال: يقتص هذا من أخ المقتول الأول ما صنع به ثم يقتله بأخيه، فنظر الرجل أنه إن اقتص منه أتى على نفسه فعفا عنه وتتاركا) (1) واستشكل في الاعتماد على الرواية من جهة إرسالها والاستدلال بها مضافا إلى أن فعل الولي من الضرب ليس من الجناية الموجبة للقصاص فلو ترتب عليه شئ ليس إلا الدية على القاعدة وقد يقال: الأظهر أنه إن كان ما فعله الولي ولم يتحقق به القصاص جاز له ضربه ثانيا قصاصا، وإن لم يكن سائغا جاز للمضروب الاقتصاص منه بمثل ما فعله ويمكن أن يقال: محل الكلام إرادة الولي الأمر السائغ واتفق عدم الموت فلم يظهر وجه للترديد، ثم مع تكرر الضرب لم يكن الاعتداء بالمثل
(٢٦٨)