ثم صلت الغداة بغسل والظهرين بغسل وتجمع بينهما والعشائين بغسل وتجمع بينهما فيدور الأمر بين الالتزام باهمال هذه الأخبار من هذه الجهة أو حمل الأمر بالوضوء في الأخبار السابقة على الاستحباب، ولا ترجيح بل الثاني أولى، هذا مضافا إلى الخدشة في دلالة الروايات السابقة أما الموثقتان فموردهما الاستحاضة القليلة والغسل فيه مستحب وعلى فرض شمولهما للمتوسطة فهو بالاطلاق الذي يهون تقييده لأنه على تقدير القول بالاجتزاء إنما يكون ذلك فيما لو أتى بالصلاة عقيب الغسل بلا فصل فينزل الرواية على غير هذا الفرض، وأما مرسلة يونس فالمراد من الأمر بالغسل فيها في هذا المورد وهو غسل الحيض، والمراد من تعميم الحكم إنما هو في أنها تصلي في مقابل أيام أقرائها، لا أنها تصلي بعد غسل الحيض بالوضوء مطلقا وليس الكلام في هذا المقام لبيان تكليف المستحاضة إلا في الجملة، وأما الرواية الأخيرة فالأمر فيها للاستحباب لا الوجوب ولا يبعد أن يقال: أما حمل الأخبار الدالة على مطلوبية الوضوء على الاستحباب فهو بعيد جدا من جهة مقارنته مع الغسل اللازم نعم حمل تلك الأخبار الأخر على الاهمال من جهة الوضوء أيضا بعيد، ومع المعارضة يرجع الشك إلى الشك في قيام الغسل بلا وضوء مقام الوضوء وقد عرفت قوة لزوم الاحتياط فيه.
وأما المناقشة في الموثقتين ففيها أنه لا مانع من دلالتهما على لزوم الغسل في الاستحاضة المتوسطة وما أفيد من أنه على فرض الاطلاق يقيد بما ذكر فيه نظر لأنه لا يلتزم بجواز الفصل بين الغسل والصلاة حتى يحمل على صورة الفصل كما لا يخفى وأما المناقشة في المرسلة ففيها أن كون الغسل فيها غسل الحيض لا ينافي ما ذكر لامكان التداخل بل لا بد من ذلك لأن صورة السيلان داخل ولا إشكال فيها في لزوم الغسل للاستحاضة وما أفيد من أن المراد من تعميم الحكم إنما هو في أنها تصلي فيه نظر من جهة أنه من المستبعد رجوع التعميم إلى غير الأقرب نظير ما يقال من أن الاستثناء عقيب الجمل المتعددة رجوعه إلى الجملة الأخيرة متعين ورجوعه إلى الجمل السابقة دون الجملة الأخيرة خارج عن المحاورات العرفية