المتكلف لما أراد أن يعترض على المفسرين حذف لفظ (القتلى) ولعله قال في نفسه ومن ذا يلتفت إليها.
ثم إن المتكلف (يه 2 ج ص 25) بدل ما ذكره حزقيال من إحياء العظام وقيام القتلى جيشا عظيما جدا جدا، وجعله (رؤيا) والغاية منها إنعاش قلوب بني إسرائيل وإحياء آمالهم، وأن الإحياء الذي ذكره القرآن الكريم لا فائدة فيه ولا مصلحة.
قلت: لعل تعصب المتكلف على القرآن الكريم حمله على أن يتأول ما ذكر في حزقيال ويجعله رؤيا منامية لكي يقول إن القرآن ذكره على سبيل الحقيقة وهي غير ممكنة ولا معقولة ولا بأس بها إذا كانت رؤيا خيالية، فإن كان كذلك فما عساه يقول بما ذكرناه عن متى من تفتح القبور، وقيام كثير من أجساد القديسين وخروجهم من القبور ودخولهم المدينة المقدسة وظهورهم لكثيرين، وكذا ما ذكرناه عن يوحنا من حياة لعازر بعد أربعة أيام من دفنه.
ولعل المتكلف تبعثه بعض الطوايا على إنكار حقيقة الجميع ودعوى أن المعقول منه ما كان رؤيا خيالية فيقتفي بذلك أثر بعض المفسرين المدققين حيث أنكروا حقيقة تكليم الأتان لبلعام وجعلوها رؤيا خيالية توهم منها بلعام أن الأتان قد كلمته فراغموا بذلك صراحة التوراة ورسالة بطرس كما ذكرناه في الجزء الأول صحيفة 343 - 344، أم تقول إن المتكلف سمى واقعة حزقيال رؤيا ولم يدر ما قال.
وأما زعم المتكلف إن الإحياء الذي ذكره حزقيال فائدته إنعاش أفئدة بني إسرائيل، والاحياء الذي ذكره القرآن لا فائدة منه ولا مصلحة فيه.
فهو زعم من استولت الغفلة على مشاعره، فإنه إذا جاز أن يحيي الله جيشا عظيما جدا جدا لأجل أن يسمع بنو إسرائيل بذلك من حزقيال فتنتعش أفئدتهم، فلماذا لا يجوز أن يحيي الله، أولئك الجيش لأجل التفضل عليهم بالحياة وإنعاشهم من البلاء، أفليسوا عباد الله أفلا يدعوهم ذلك إلى الاطمئنان واليقين في الإيمان بالمعاد ولا يحتاجون في أمر المعاد إلى مثل الاحتجاج الذي