وهاد إلى وسائل القرب من حضرته ومرشد إلى نواميس الصلاح وقوانين الشريعة المتكفلة بصلاح البشر وإصلاح أمرهم لآخرتهم ودنياهم، ولكن المتكلف لا بد أن يجعل هذا من الخرافات، ويقول: إن الله جل اسمه لم يلطف ويرحم بالشريعة إلا بني إسرائيل ولم يبين حقيقة التثليث إلا للنصارى ولكن حينما أطلقهم من قيود الشريعة وفداهم من لعنة الناموس، وكيف قال فإنا نجد في هذا القرن كثيرا من عرفاء النصارى من أشرق نور التوحيد الحقيقي على عقولهم، فتجنبوا أغاليط التثليث ومخادعات الفداء.
ومنهم من بقي في الظاهر على النصرانية كالكونت (تولستوي) وأتباعه المحتفلين بتعليمه في في أشتات البلاد، ومنهم من حظى بهدى الإسلام وعبد الله به، ومنهم من يعترف بحقيقة التوحيد وحق الإسلام ولكنه تمرد على نواميسه بألفة الراحة واعتياد الهوى على الاستراحة من النواميس الإلهية.
ولئن استغرب المتكلف من القرآن الكريم ذكره لما لم تذكره كتب العهدين كذكره لما أكرم الله به داود وسليمان، وذكره لموت رجل مائة عام ثم أحياه الله، وكذكره للقمان وحكمته وتوحيده ووعظه، فإن ذلك لا يعود بالسؤال على القرآن الكريم ولا على الحقائق الثابتة، بل يعود بالسؤال على كتب العهدين إلا أن تعتذر بلسان حالها وتقول إنها صنفان صنف لا تعرف النبوة اسمه ولا مسماه، وصنف لم تبق له دواهي الأيام إلا بقايا أسماء تستعار للمسميات التي اختلفت عليها الموارد والمصادر وتقلبت بها الأحوال والنشآت وهي بصنفيها قد صرفت وجهها عواصف الأهواء ووجهت عنايتها إلى ما شحنت به أرجائها من عظائم المصائب، فتارة تنادي بتعدد الآلهة والأرباب وتارة تأله البشر، وتارة تصف الله جل شأنه بالعجز والحيرة والمشاورة مع جند السماء في بعض التدابير حتى كان روح الكذب هو الموافق لإصابة الرأي وتارة تصف الأنبياء بالشك في قدرة الله وسوء الأدب في خطابه والاستعفاء من رسالته، ونسبته إلى الظلم والجور، وكونه جل شأنه خداعا، تعالى الله عن ذلك، وتارة تصف الأنبياء بالفسق والفجور والشرك وشرب الخمر، وتارة تبسط قولها وتطيل شرحها في نسبتها إلى الأنبياء وعائلاتهم أقبح الفواحش والدنس في العرض، وتارة تنسب