الذي توشح الطبيعة البشرية وهو أقدر منه على إرائته ممالك المسكونة بلحظة من الزمان.. فإنا نقول إن إبليس يقل ويقصر عن أن يفعل مثل ذلك مع النبي الرسول.
وقد عرفت من جميع ما قدمناه أن المتكلف طالما تغريه طواياه باللجاج في الاعتراض على القرآن كلام الله وهو لا يدري بما في كتبه، فمن ذلك اعتراضه على نقل القرآن الكريم لتسخير الشياطين لسليمان، فقال (يه 2 ج ص 97) أن الشياطين أرواح شريرة لا شغل لها سوى الإفساد، ولا يتصور أن من كان دأبه هكذا يخترع الاختراعات التي تنفع، (قلت) إنها وإن كانت من حيث طبعها كما ذكر، ولكنها كانت في عملها لسليمان مسخرة من الله له مقهورة على طاعته، كما تذكره الأناجيل أنها كانت تطيع المسيح وتخاف منه كما ذكرنا بعضه فيما تقدم في خلق الجن.
ويذكر العهد الجديد أنها كانت تطيع التلاميذ وبولس (لو 10، 17 و 1 ع 5، 16، و 8، 7، و 19، 12).
ومن ذلك اعتراضه على ذكر القرآن الكريم تسخير الريح لسليمان حيث قال ما حاصله: لا يليق هذا بحكمة الله وقدرته، كأن الله أشرك سليمان في ملكه، (قلت) وهذا كلام من لا يعرف للشرك والتوحيد معنى حيث جعل تأليه المسيح وتثليث الأقانيم توحيدا، وجعل نعمة الله على أوليائه بالكرامة شركا مع الله في ملكه.
وليت شعري ألم يسمع أقلا من أناجيله أن المسيح قال لتلاميذه: لو كان لكم من الإيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل ولا يكون شئ غير ممكن لديكم (مت 17، 20 ومر 11، 23 ولو 17، 6)، وكل شئ مستطاع للمؤمن (مر 9، 23)، فلماذا يكون تسخير الريح لسليمان مشاركة لله في ملكه ولا يكون هذا كذلك.
وقال ا لله تعالى في سورة البقرة 96 (واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما