قرون وعلى قرونه عشرة تيجان لكي يعرف الناس أنه من الجن لا من الأنس بل كانوا على صور بني آدم، كما يقول العهد القديم إن الملائكة جاؤوا إلى إبراهيم على صورة ثلاثة رجال، فدعاهم لأن يستريحوا ويغسلوا أرجلهم ويسندوا قلوبهم بكسرة خبز وعمل لهم ضيافة وجلسوا تحت الشجرة وأكلوا (تك 18، 1 - 9).
وجاؤوا إلى لوط على صورة رجلين فدعاهما إلى ضيافته وأكلا عنده ولم يكن يعرف في أول الأمر أنهما ملكان ولم يعرفهما قومه، بل استداروا بالبيت ليفعلوا معهما الفاحشة حسب عادتهم مع الناس فساء ذلك لوطا وصار يعمل التدابير في صرفهم عن ضيفه، (انظر تك 19، 1 - 10)، وأن الملك جاء إلى منوح وامرأته بصورة رجل (قض 13، 1 - 17) فلا يعرف أن عملة سليمان كانوا من الجن إلا من ناحية النبوة والوحي.
وقال الله تعالى في سورة النمل 16 (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين 17 وحشر لسليمان جنوده من الجن والأنس والطير فهم يوزعون).
فقال المتكلف (يه 2 ج ص 99 و 100)، فالقرآن ناطق صراحة بأن الطيور تعقل وتدرك وتتكلم وتنطق بحكم يعجز عن الإتيان بمثلها العلماء من بني آدم وهو غلط جسيم، فإن الله سبحانه وتعالى خص الإنسان فقط بالنطق والعقل والبيان، وعليه فيكون سليمان كذب على الناس والطيور أو يكون ما نسب إليه هو الكذب وهو الصواب، وثانيا: هل كانت الطيور والحشرات في عصره تعقل وتدرك ثم جردها الله من العقل الآن قلنا: إنها لا تزال واحدة كما كانت، فمن نسب إليها الإدراك هو الذي غلط، وثالثا لم يكن لسليمان جنود من الجن، بل كانت جنوده من الأمة الإسرائيلية فقط وتقدم أنه لا يوجد شئ يقال له جن وما نسب إلى سليمان من معرفة لغة الطير هو من خرافات اليهود، فتوسع فيها القرآن وخالها حقائق واقعية وهي خرافات وهمية لا أصل لها.
قلنا: إنا نشاهد أن الحيوانات تصوت عند مقاصدها وأحوالها بأنحاء مختلفة تتفنن فيها كما وكيفا ووضعا، وإن كنا في أغلبها لا نميز لها حروفا من