المنكرات، وكانت أذهانهم مظلمة والقرآن جعله نبيا ورجلا تقيا وواعظا لابنه.
وقد قدمنا لك أن دعوى المتكلف في ابيمنيدس إنما هي مما غلب به الهوى على شرف الأمانة والأدب.
وأما تسمية السورة باسم لقمان فلا دلالة لها على نبوته ولا ربط لها بذلك، بل سميت باسمه للتسجيل على عنوان شأنه في توحيده وحكمته وأخلافه وموعظته، كما سميت بعض السور لأجل تسجيل العنوان والتذكير به بسورة الكهف والفيل ونحو ذلك..
وأما أن الله آتي لقمان الحكمة وأن لقمان حض ابنه على أن لا يشرك بالله فلا ألوم المتكلف إذا ثقل ذلك على هواه.
فإن من أوليات الحكمة الحقيقة وبديهياتها هتافها بأن الواحد الحقيقي لا يكون ثلاثة مختلفة في الآثار والمشخصات، وهذه الثلاثة لا تكون واحدا حقيقيا، ومن أساسيات الحكمة أنها لا تقبل ما تحكم بداهة العقل بامتناعه واستحالته، ومن أساسياتها أيضا أن الإله الغني العادل القدوس الرحيم الحكيم العليم اللطيف الخبير لا يترك عباده هملا فوضى من دون أن يجعل لهم من عنده قوانين تنتظم بها مدنيتهم وسياسات يستوسق بها اجتماعهم، ونواميس عملية ترقى بهم إلى معارج النواميس الروحية، وتحكم الرابطة بينهم وبين إلههم فتكون لهم قيادا إلى الطاعة ورادعا عن التمرد وطريقا إلى الانقياد الروحي.
ومن أساسيات الحكمة أيضا إن الله تبارك اسمه لا يترك عباده هملا بدون أن يقيدهم بزاجر الوعيد ويقين القصاص ولا يدعهم يترددون في غيهم آمنين..
وأشد شئ تضاده الحكمة وتقاومه بأوليائها وأساسياتها هو أماني الهوى والمغالطة الشيطان بأن الله الواحد هو ثلاثة تجسد أحدهم على الأرض وبعد ثلاثين سنة نزل عليه الآخر بشكل حمامة جسمية وبقي الثالث في السماء ليمهد عمله في الفداء الذي بمغالطته يطلق سراح المتمردين ويخرب الشريعة المدنية السياسية المكملة المهذبة ويلاشيها من مملكته، وذلك بأن يفدي الناس من لعنة الناموس وقصاص خطاياهم بالموت في جهنم النار (ومرجع ذلك إلى إغراء الغواة