فيا أيها الأخ المسلم لا يؤلمنك اعتراض المتكلف وأمثاله بأوهامهم على القرآن الكريم، فإن نكاية أوهامهم على كتب وحيهم وأساس دينهم أشد وأشد (شنشنة أعرفها من أخزم)، ولا تنشدني قول الشاعر:
(لا تقل دارها بشرقي نجد * كل نجد للعامرية دار) وإذ قد سمعت ما ذكرناه أولا عن العهدين فإنك تعرف ما في قول المتكلف، (فالاعتقاد بوجود جن هو من الاعتقادات الوثنية) ولولا التحرج من سوء القالة لذكرنا شطرا مما قد أخذ من الاعتقادات الوثنية، ولكنا قد كفينا مؤنة ذلك بالكتب التي أشار إليها في صدر كتاب الوثنية والنصرانية.
وقال الله جل اسمه في سورة البقرة 28: (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون 29 وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين 30 قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم 31 قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون).
فاعترض المتعرب (ذ) 88 - 90 على هذه الآيات باعتراضات متعددة، وكذا المتكلف (يه 2 ج ص 10 و 11)، وربما اشتركا في الاعتراض فاكتفى بنسبته إلى أحدهما ورده، وإن شئت فانظر إلى كلاميهما في كتابيهما.
قال المتعرب إنه عنى بالخليفة آدم لكنه لم يقل لمن أراد أن يجعله خليفة وأنت تعلم أنه لم يكن على الأرض مخلوق قبله حتى يخلفه فيها ويلزم من هذا أن الله أراد أن يستخلفه عن نفسه.
قلت: كان المتعرب افترى عليك بدعوى العلم بأنه لم يكن على الأرض مخلوق قبل آدم لأجل غروره بخرافة مذهب (داروين) أو بمضمون توراته الذي لا يقبله حتى الكثير من قومه وهي أن السماوات والأرض وما فيهن خلقت كلها فيما