النخلة)، وهذا يقربه ما يذكره لوقا من أن مريم لم يكن لها موضع في المنزل حتى أنهم التجأوا إلى وضع المسيح في المذود - أي الآخور -، ومن كانت هكذا وهي من ذوات العفة والحياء فلا تسعها الولادة في هذا المنزل الضيق بكثرة أهله لا بد لها من أن تفر بولادتها إلى موضع خال من الأجانب، فإن زعم المتكلف أنه لا يوجد في تلك النواحي نخل قلنا: إن إنجيل يوحنا يقول إن الكثيرين في أورشليم أخذوا سعوف النخل وخرجوا للقاء المسيح (يو 12، 12 و 13)، وإن بيت لحم يعد من ضواحي أورشليم... وأما كرامة الله لمريم بإحياء النخلة وإثمارها لتأكل منها وتقر عينها، فالمتكلف جدير بإنكاره فإنه لا نفع له فيه.
نعم لو ذكر القرآن الكريم (أن مريم جاعت فانفتحت السماء ونزل عليها إناء فيه كل دواب الأرض والزحافات والطيور، وقيل لها اذبحي وكلي فقالت كلا يا رب إني لم أأكل قط شيئا دنسا أو نجسا فقيل لها ما طهره الله فلا تدنسيه أنت (1 ع 10، 10 - 16).
وراغم بذلك شريعة التوراة وأشار به إلى بطلانها لقال المتكلف: نعم هذا هو الحق لكي ينتفع بها في التمسك بعوائد الوثنية وإبطال شريعة التوراة وعيبها والرد عليها في نهيها عن لحوم كثير من الحيوانات وتنجيسها، فإن قال المتكلف:
إن اخضرار الجذع وإثماره ونضج ثمرته في زمان قليل هو من الخرافات الخارجة عن حد المعقول (قلنا) لا نبهظه بذكر العقل والمعقول، ولكن توراتكم تقول:
إن عصا هارون وضعها موسى في خيمة الشهادة وفي الغد وجدها قد أفرخت فروخا - أي أغصانا -، وأزهرت زهرا وأنضجت لوزا (عد 17، 17 - 11).
وصدق على ذلك العهد الجديد (عب 9، 4)، فإن قال المتكلف إن حديث العصا في العهدين أيضا خرافة خارجة عن حد المعقول (قلنا) إذا قرة عيناه بالعهدين وقرة عيون العهدين به وببشارته.
وقس على ذلك إنكاره لتكلم المسيح في المهد وكيف لا يصر على ذلك والقرآن يذكر أن المسيح (قال إني عبد الله).
وأما نذر مريم للصوم وأنها لا تكلم أحدا، فأي برهان قائم على عدم