فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت إنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين)، 91 (الآن وقد عصيت من قبل وكنت من المفسدين)، 92 (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية).
وقال المتكلف (يه 2 ج ص 63) ما حاصله أن التوراة تعلمه أن فرعون لم يؤمن برب موسى حتى في الساعة الأخيرة، ولا يتصور إيمان فرعون الذي صرف حياته في الاستبداد والظلم، وأن الله لا يقبل مثل هذه التوبة الوقتية الناشئة من الخوف.
ولم يرد خبر في التوراة عن غرق فرعون، وأيدت التواريخ أن فرعون موسى لم يغرق لأنه لم يخرج مع جيشه.
قلنا: إن توراة المتكلف لما جاءت إلى سعي فرعون وراء بني إسرائيل غمغمت أمر غرقه وأدمجت الحال ادماجا يخل بالمقام، فلم تحسن المواعظة ولا بيان القصة، كما أهملت ذكر مكالماته مع موسى، كما قدمناه، وغاية ما صرحت به من فعل فرعون أنه سعى وراء بني إسرائيل واقترب منهم بحيث يرونه وهم عند فم الحيروث في المنزل الثالث من منازلهم، ومنه ارتحلوا وعبروا البحر.
وغاية الأمر أنها لم تتعرض لذكر توبة فرعون عندما أدركه الغرق، كما لم تذكر عدمها، انظر رابع عشر الخروج فإنك ترى أن دعوى المتكلف في كلامه للعلم إنما هي شهادة على العناد أو الجهل.
وهب أن توراته صرحت بعدم إيمان فرعون ساعة الغرق فقد عرفناك وستزاد معرفة إن شاء الله أن التوراة الرائجة لم تبق لها الأيام بتلاعبها مجدا تعارض به واحدا من التواريخ.
(وأما قول المتكلف لا يتصور إيمان فرعون، إلى آخره)، فإنا نعذر فيه المتكلف في تصوره أن جد في إنكاره، ولكنا نسأل عن ذلك من لم تمنعه الموانع عن تصور الممكن والممتنع، وما المانع العقلي أو العادي من إيمان فرعون وقد