قصة طالوت ونسبها إلى جدعون، كما خبط إنجيل متى فحرف كلاما في كتاب زكريا (11، 12 و 13) ونسبه إلى كتاب أرميا مع أنه لا يوجد لذلك فيه عين ولا أثر، وقد ذكرنا ذلك في التصدير، وذكرنا أوهام المتكلف فيه.
سفر القضاة وثالثا: إن سفر القضاة الذي نسب الواقعة إلى جدعون قد اختلفوا فيمن ينسبونه له، كما نقله إظهار الحق في الفصل الثاني من الباب الأول، ونقله المتكلف (يه 1 ج ص 109) عن هورن حيث قال: ذهب البعض إلى أن هذا السفر نزل على فينحاس، وذهب البعض الآخر إلى أنه نزل على حزقيا أو أرميا أو حزقيال أو عزرا، إنتهى.
ومثل هذا الكتاب لو لم تعبث به صروف الأيام لما كان له اعتبار واحد من كتب التواريخ مع هذا الاختلاف في مصنفه.
وقولهم نزل على فينحاس ونزل على حزقيا إنما هو غلط وخيانة في الكلام فإن فينحاس وحزقيال لم يقل أحد يعرف قدره بأنهما كانا نبيين، وأن بين فينحاس وعزرا نحو ثمانمائة سنة.
فما ظنك بكتاب يتردد أمره بين كونه تصنيف نبي أو غير نبي وبين أناس تكون المدة بين طرفيهم نحو ثمانمائة سنة.
ودع عنك الكلام في أن هذا الموجود هو المولود بهذه الولادة المبحوث عنها، أو أنه تعددت فيه المواليد وتعاقبت على اسم الأول، وهل يجديه نفعا دعوى هورن بأنه أجمع علماء اليهود والمسيحيين بعد التحقيق على أنه نزل على صموئيل وهو آخر قضاة بني إسرائيل.
أفلا تدري أن أمر الكتب ومعلومية نسبتها إلى مصنفها هو شئ لا ربط له بدعوى إجماع العلماء بعد التحقيق، وإنما يؤخذ العلم به من النقل المتواتر بين العلماء والعوام من الملة بدون شبهة تحتاج إلى التحقيق، بل متى أحوج الوقت إلى القيل والقال عاد أمر الكتاب إلى الوهن الدائم.. وأيضا فإنك تعلم قد مضت عليهم دهور في ديانتهم وجلائهم كانوا فيها بحكم العدم، ثم