واعترض أيضا على تسمية القرآن الكريم لهذا الملك (طالوت) فقال وصوابه شاول.
قلت: سماه القرآن الكريم بوصفه الذي امتاز به عن جميع بني إسرائيل وهو طول القامة وبسطة الجسم.
والعهد القديم يقول: إنه وقف بين الشعب، فكان أطول من كل الشعب من كتفه فما فوق، وأنه ليس مثله في جميع الشعب (1 صم 10، 23 و 24)، فسماه القرآن طالوت تنويها بامتيازه، كما يقال كهنوت وجبروت وملكوت.
واعترض أيضا على قول القرآن الكريم (قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال).
قلت: إن الذي جاء إلى صموئيل لينصب لهم ملكا لا بد أن يكونوا رؤساء بني إسرائيل وشيوخهم، كما ذكر 1 (صم 8، 4 - 6).
وبحكم العادة والاعتبار بأحوال البشر وخصوص بني إسرائيل في مثل هذه الواقعة أن يكون كل واحد من هؤلاء الرؤساء يرجو أن يكون هو الملك ويجد في نفسه أنه هو الأولى بذلك لرياسته وكبر سنه، والعادة المطردة تقتضي أن الشيوخ والزعماء وأهل الثروة لا يذعنون إذا وقع الاختيار على من هو دونهم في السن والشرف والرياسة والثروة، بل لا بد أن يقولوا إن الاختيار الذي هو لصلاح المملكة ينبغي أن يقع على ذي شرف ورياسة تنقاد له النفوس، وذي ثروة تعينه على مهمات الملك، وذي سن قد بصرته التجارب وممارسة حوادث الأيام، وذي قبيلة عظيمة تفي بمنعته.
فلا بد بحكم العادة للشيوخ الذين طلبوا الملك أن ينكروا تملك شاول دونهم مع أنه شاب من أصغر العشائر في أسباط بنيامين، وكتاب المتكلف يقول: إن قبيلة بنيامين قد قاربت أن تنقرض في أيام القضاة (فض 20 و 21) ويقول: إن بني بلعيال (1) قالوا في حق شاول كيف يخلصنا هذا