وجل عن أن يغرق في حكايات الحالات المستبشعة السمجة، كما زعمت الأناجيل الرائجة أن اليهود وبيلاطس وعسكره فعلوه مع المسيح وحاشا، انظر أقلا (مت 26: 67 و 27: 26 - 32).
وقال الحارث بن حلزة اليشكري في معلقته:
لا تخلنا على غراتك أنا * قبل ما قد وشى بنا الأعداء فلم يذكر خبر (أنا) ليترقي الذهن في محتملاته إلى أشد الحماسة، وعدم المبالاة بالملك.
وقال عبيد بن الأبرص يخاطب امرؤ القيس:
نحن الأولى فاجمع * جموعك ثم وجههم إلينا ولم يذكر صلة (الأولى) ليترقي الذهن في محتملاتها أيضا إلى أشد الحماسة والتهويل..
وقال الله تعالى في سورة الحج 25: (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والبادي) فلم يذكر خبر (إن) تهويلا بما يستحقه هؤلاء الكفرة المردة من عظيم النكال والعذاب، أو بما يستحقونه من القذع والذم على كفرهم وعتوهم فيبلغ الذهن في ذلك ما لا يبلغه البيان اللفظي، وأن المقام لجدير بذلك، ومقتضى الحال لا يليق بغيره.
ولعلك لا يخفى عليك جهل المتعرب في اعتراضه (ذ ص 77) على الآية بعطف (يصدون) المضارع على (كفروا) الماضي، فإنه لا ينبغي أن يخفى على غير المتعرب أن الغرض هو التسجيل والتشنيع عليهم بتماديهم على الغي والصد عن سبيل الله والمسجد الحرام، ولا تحصل هذه الفائدة إلا بالفعل المضارع الدال على الثبوت، ولم يكن الغرض هو التشنيع عليهم بما فعلوه من الصد في الماضي فقط.
(تتمة) وتتمة الآية المتقدمة قوله تعالى في ذكر المسجد الحرام: (ومن يرد