من بعض أرحامه كالتدبير في السرقة المنسوبة لبنيامين، وقد كان ينبغي لأخوة يوسف أن يظنوا أو يحتملوا براءة بنيامين، وأن الذي جعل بضاعتهم في رحالهم في المرة الأولى هو الذي وضع الصواع في رحل بنيامين.
وقد جاء في التوراة أن يوسف كان يكلم إخوته بواسطة الترجمان وهم يزعمون أنه لا يفهم ما يقولونه باللسان العبراني، ولذا لما طلب منهم أن يجيئوا بأخيهم الصغير جعلوا يتلاومون فيما بينهم بلسانهم الخاص فيما فرطوا بيوسف (تك 42، 21 - 25).
وإذا عرفت ما ذكرناه فاعلم أن المتكلف جرى على عادته في الفهم والأمانة، فقال (ص 80 س 1) يؤخذ من عبارة القرآن أن بنيامين سرق الصاع مثل أخيه يوسف.
قلت: لا يخفى على من تشرف بالنظر إلى القرآن الكريم وهذه السورة أنه صريح في واقعة الصواع بأن بنيامين لم يسرقه وإنما جعل في رحله تدبيرا من يوسف لكي يستخلص أخاه من إخوته بطريق لا يعد من الظلم وجور القدرة فانظر الآية 69 - 78.
ولعل الذي اقتضى هذا التدبير هو أن يوسف حن إلى شقيقه وآواه وأكرمه فخاف عليه من إخوته أن يحسدوه على ذلك فيفعلون مع بنيامين مثل ما فعلوه مع يوسف أو أشد، والتوراة أيضا تذكر أن يوسف أكر بنيامين أكثر من إخوته كلهم بخمسة أضعاف (تك 43، 34)، وبما ذكرنا تعرف شطط المتكلف في باقي كلامه في هذا المقام.
* * * وقال الله جل شأنه في سورة (طه) في الحكاية لخطابه سبحانه وتعالى مع موسى (إني أنا ربك فخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى).
فأنكر المتكلف ذلك وادعى أن موسى عليه السلام كان في جبل حوريب حينما أمره لله بخلع حذائه، ثم ادعى أن طوى اسم وهمي، انظر (يه 2 ج ص 95).