وقال الله تعالى في سورة الأعراف فيما اقتص من حديث آدم وحواء وأكلهما من الشجرة 21 (وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين 22 قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).
فاعترض المتكلف (يه 2 ج ص 46) على ذلك بمخالفته لما في توراته (تك 3، 8 - 20).
وعلى قوله تعالى: (ألم أنهكما عن تلكما الشجرة) وعلى حكايته جل اسمه لقول آدم وحواء: (ربنا إننا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين)، ثم ذكر المتكلف كلام توراته في ذلك الشأن، ولكن شذ به هذبه، وأنى له.
فلننقله بنصه وهو قولها في آدم وحوا فسمعا صوت الإله متمشيا (عب متهلخ) في الجنة عند ريح النهار فاختبأ آدم من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة فنادى الرب الإله آدم وقال: أين أنت؟ فقال سمعت صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت فقال: من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها.
ولعل المتكلف أنكر على مضمون القرآن دلالته على أن الله العليم علم بأكل آدم وحوا من الشجرة بعلمه الذي لا يغيب عنه الشئ بدون استعلام واستخبار، والمتكلف لا يرضى بذلك، لأنه توارته تدل على أن الله جل اسمه (واستغفره) يحتاج إلى الاستعلام من آدم بقوله جل شأنه أين أنت من أعلمك هل أكلت؟ ولا يرضى المتكلف من القرآن إلا أن يقول (متمشيا في الجنة عند ريح النهار) لكي يفهم القارئ أن ذلك المشي لأجل الاستراحة والتنفس في طيب الوقت وصفاء الجنة، وأن آدم وحوا (سمعا صوت الإله متمشيا) لكي يفهم القارئ أنهما سمعا وطئ الأقدام أو ترنم الطرب في التمشي، وأن آدم اختبأ لكي يتأكد مضمون هذه التجسيمات بأن آدم كان يعرف أن الاختباء بشجرة الجنة يستره عن الله جل شأنه، ولأجل هذا سأله أين أنت، من أعلمك؟ هل أكلت.