وتتأكد به الحجة (خر 4، 24، 27 وتك 6، 6 و 11، 5 - 8) كله علم من الله وقدرة وحكمة ووفاء بالعهد (2 صم 13 وتك 19 و 38) تمجيد للمؤمنين بعفتهم وطهارة نفوسهم ونجابة عوائلهم ومواليدهم (تك 27) من الحقائق الموضحة لحكمة الله وعلمه في اختياره والمبينة لمقدار علم الأنبياء وأهليتهم للائتمان على أعمال الله.
وقال المتكلف (يه 2 ج ص 48) لم يصرح القرآن بالرجس الذي أنزل على قوم هود ولو كان شيئا حقيقيا له وجود لصرح به.
قلت: لا ألوم المتكلف على جهله بالقرآن بعد ما وجدناه من جهله الفاحش بكتبه، فلا غرو إذا لم يعلم من القرآن الكريم بيانه المكرر في أن ذلك الرجس هو الريح المهلكة، ويكفي منه قول الله تعالى شأنه في سورة الحاقة المكية 6: (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية 7 سخرها سبع ليال وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية).
ثم أعلم أن المتعرب حاول أن يكذب ما ذكره المؤرخون في شأن شداد ابن عاد بتمويه لا يمس بتزويره قدس القرآن الكريم، وإنا وإن كنا لا يعنينا ما يقوله في التاريخ وأخبار الآحاد، ولكن لا بأس ببيان جهالات المتعرب في اعتراضه، فقد اعترض على المؤرخين إذ قالوا: إن عادا من ذرية ارم بن سام، وإنه متقدم على إسماعيل.
وإن ابنه شدادا عزم على بناء إرم وهو ابن تسعمائة سنة وأقام في بنائها ثلاثمائة سنة، فيكون شداد عمر ألفا ومائتي سنة.
وحاصل اعتراضه على ذلك بأنه يلزم أن يكون شداد مات بعد الطوفان بنحو ألف وثلاثمائة سنة.
والتوراة العبرانية يعلم منها أن إسماعيل مات بعد الطوفان بخمسمائة وعشرين سنة، وبحسب النسخة السبعينية يكون بين الطوفان وموت إسماعيل ألف ومائتان وخمسون سنة، فلا بد أن يكون موت شداد بعد موت إسماعيل.
قلت: أما (أولا) فإن المؤرخين لا يلتزمون بأن موت شداد وهلاك قومه