تكن حادثة يوم وليلة، بل استمرت الدعوة مئات من السنين حتى جاء أمر الله بالطوفان.
غرق ابن نوح في الطوفان وقال الله تعالى في سورة هود 44: (ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين 45 قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين 47 ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين 48 قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين).
والمتكلف (يه 2 ج ص 66) ينكر هذا كله تشبثا بغمغمة توراته الرائجة في تاريخها المدمج وسيرتها البتراء.
وقد اعترض (ص 65) على بعض المفسرين في تسميتهم لابن نوح المشار إليه بكنعان وقال هذا غلط مبين، وأظن ذلك لكون توراته تذكر أن ابن حام ابن نوح اسمه كنعان، فكان المتكلف يقول: إن كنعان ابن حام أخذ امتيازا بهذا الاسم من أول الدنيا، فلم يقدر نوح أن يتعدى قانون الأسماء ليسمي ابنه كنعان، فيا لهفاه على الأدب على أن ذلك لا يمس القرآن في شئ.
واعترض أيضا على قول نوح (رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق) وافترى على القرآن بنسبة التأوه لنوح.
ثم صار يتبجح بما يذكر كتابه عن عالي لما أخبر صموئيل بما يحل بولديه لأجل شرهما وما يحل ببيته من البوار حيث قال: هو الرب ما يحسن في عينيه يعمل، وصار يطالب نوحا بما يزعمه من تسليم عالي لأمر الله حسب عادة الأتقياء.
قلت: قد قدمنا لك في الجزء الأول صحيفة 95 - 96 أنه ليس في قول نوح اعتراض على الله، ولا منافاة للتسليم لإرادته وإنما استفهم عن حقيقة