وبركتها لها وجهة واحدة تراعى بها بني إسرائيل دون غيرهم من محاربيهم الذين يقذفهم إدبارها عنهم بالرعب والوبال.
وأما دعوى المتكلف والمتعرب بأن السكينة في القرآن مأخوذة من شخينا وشاخونة فمنشأها أمور:
1 - تحاملهما على القرآن كلام الله.
2 - جهلهما أو تغافلهما عن وجود مادة سكن ويسكن وسكون في اللغة العربية.
3 - بخلهما على اللفظة العربية أن توافق العبرية بالنون التي في سكينة وشخينا.
4 - بخلهما بأن يعرب القرآن لفظ شخينا بلفظ سكينة.
5 - بخلهما بأن يذكر القرآن أمور بني إسرائيل بألفاظ عربية أو معربة.
6 - عدم مبالاتهما بما يقولون فوا أسفاه على الأدب وحرية الضمير.
واعترض المتكلف أيضا على القرآن الكريم في قوله في التابوت إنه: (فيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون)، فقال: والحقيقة إنه لم يكن فيه سوى لوحي العهد.
قلت: إن توراة حلقيا أو غيره، والتي عرفت حالها من التصدير وغيره وإن لم تنص على ما وضع في التابوت الأعلى لوحي العهد، ولكن العهد الجديد كتاب المتكلف مما ينبه على خللها في هذا المقام، وأنها أهملت ما هو لازم الذكر، فإنه يقول وتابوت العهد مصفحا من كل جهة بالذهب الذي فيه قسط (أي كوز، أو حقة) من ذهب فيه المن وعصا هارون التي أفرخت ولوحا العهد (عب 9، 4).
فالعهد الجديد يقول أيضا: إن التابوت فيه بقية مما ترك آل موسى وآل هارون، بل إن التوراة الرائجة ربما يظهر منها هذا وإن لم تنص على وضع المن والعصا في التابوت، بل ذكرت أن موسى أمر هارون بأن يجعلهما أمام الشهادة