استجلابه من الأماكن البعيدة، ووهن توراة حلقيا أو غيره مانعان لنا عن التشبث بمثل ذلك.
ولنا أن نقول: إن رؤوس الجبال التي في شبه جزيرة سينا إنما هي أجزاء من سلسلة ذات تعاريج منبثة في أرض فلسطين وشبه جزيرة سينا، ولنا أن نعتبر مبدأ السلسلة من موازاة جبل لبنان، والأحرى أن نعده جزءا منها وإن تخلل بينهما ما هو بمنزلة العقبات في أثناء سلاسل الجبال، فتمتد هذه السلسلة إلى الجنوب على غربي الأردن وبحيرة لوط ووادي العربة وخليج العقبة، ثم تنعطف عند ملتقى الخليجين إلى الشمال الغربي ممتدة مع شرقي خليج السويس حتى تتعدى منتهاه بنحو ثلاثين ميلا، ثم تنعطف إلى الشمال الشرقي ممتدة إلى نحو العريش وحدود فلسطين.
فيتفق لهذه السلسلة في امتدادها وتعاريجها وانعطافاتها عدة رؤوس يسمى كل منها باسم، نحو فوريا، والصفصافي، والصمغي، وحوريب، وكاترينا، وفيران، وغيرها، وقد تتداخل الأسماء كما تداخل أسماء حوريب وسيناء في التوراة انظر (19 و 20 و 24 و 34 و 1 ع 7، 30)، ثم انظر (خر 3، وتث 1، 6 و 19، و 4، 10، و 5، 2 - 6، و 18، 16 و 1 مل 8، 9 ومل 4، 4 -).
فمن الممكن الشائع في اللغة والاستعمال أن يكون القرآن الكريم قد أراد بطور سيناء الجبل الذي هو مجموع السلسلة، وسماه طور سينا باعتبار أن سينا هو الحد الجنوبي لمنابت الزيتون فيه، أو لأنه أشرف رؤوسه وأشهرها، ولبعض هذه الوجوه جعل الجغرافيون (برية سينا) اسما لجميع القسم الواقع غربا من خط مفروض من طرف بحيرة لوط الجنوبي إلى رأس خليج العقبة مع أنه يشتمل على شطر من أرض يهوذا في فلسطين، كما أنهم يسمون سلسلة الجبال العربية (جبل الشرات) باعتبار قطعة منها، مع أن لها قطعا ورؤوسا ذوات أسماء وشهرة.
وقال الله تعالى في سورة يونس 76: (ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملأه فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين 79 قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آبائنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين).