بغرورهم وتأمينهم من وبال غيهم) فجعل الإله المتجسد عرضة للإهانة وللاضطهاد بحيث كان يتقي الضالين في اليسير من تعليمه.
ثم نبأ (قيافا) رئيس الكهنة بأن يسعى في قتل ذلك الإله المتجسد واضطهاده الشنيع ملقنا لقيافا في النبوة بأنه خير لهم أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها (يو 1، 47 - 52)، فجرى التصميم على قتل الإله المتجسد وإن استعفى واستقال من معاملة الفداء وحزن واكتئب وصلى وطلب أن تعبر عنه كأسه ولكن لم يفده ذلك، بل قتل ومات يومين وبعض يوما، فتم العمل في قرار الفداء من قصاص الخطايا ولعنة الناموس وبعد ذلك أرسلت الرسل ليعلنوا بتمام قرار الفداء فهتف واحد منهم بإلهامه المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار (وحاشاه) لعنة من أجلنا، (غل 3، 13)، ولسنا بعد تحت مؤدب (عل 3، 25)، وقد تقدم هذا متفرقا في الجزء الأول.
وإذا كانت الحكمة تقاوم هذا كله وتضاده، قالت الكتب المنسوبة إلى الوحي - لا بشر لا بحكمة كلام لئلا يتعطل صلب المسيح - لأنه إذا كان العالم في حكمة لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله أن يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة لأن جهالة الله أحكم من حكمة الناس وضعف الله أقوى من الناس، (1 كو 1، 17 - 26).
وزاد المتكلف في تلمذه على هذا التعليم فبشر بالتناقض، وقال: (يه 4 ج ص 159).
نعم لا ننكر أن تجسد الكلمة الأزلية هو فوق عقولنا ولكنه موافق للعقل، ثم عقد فصلا لعجز العقلي عن إدراك صفات الله وأسرار حكمته وحقيقة الروح (1) فتوهم أن هذا يروج عند الناس عزل العقل عن بديهيات أحكامه وأساسيات قوانينه في الممكن والممتنع لكي يتم للمتكلف الأمر في كل وساوس أهوائه، وسوف نتعرض لذلك إن شاء الله تفصيلا، وأن كل من منحه الله شيئا من العقل ليعرف أن العقل هو الدليل على الله ورسله وكتبه، وهو النور الذي يستضاء به في معرفة الممكن والممتنع، وأنه وإن حجب عن أشياء قد استأثر الله بعلمها ولكنه لا يعشو عن مشارق نورانيته إلا من ران