فاضطربوا فيها بالتبديل والنفي والإلصاق، أفلا تجد من ذلك كله عذرا لها فيما أغفلته من الحقائق.
* * * وقال الله جل اسمه في سورة الكهف في قصة ذي القرنين 85: (قلنا يا ذا القرنين..).
فاعترض المتكلف على ذلك (يه 2 ج ص 91) بما حاصله أن القرآن قد جعل الإسكندر نبيا لأن الله لا يخاطب إلا نبيا مع أنه كان ملكا سفاكا للدماء.
قلنا أولا: ليس في القرآن الكريم ما يدل على أن ذا القرنين هو الإسكندر الرومي المكدوني.
ومن أين للمتكلف هذا التحكم فإن أخذه من أقوال بعض الناس، فإن كثيرا من الناس من قال بخلافه، فإن أبا الفداء والبيروني وغيرهما قالوا إنه الصعب ابن الرائش، وقال بعض إن اسمه عياش، وقال بعض: عبد الله بن الضحاك، وهب أن الجميع لا حجة فيه ولكنه يكشف عن سوء تحكم المتكلف وتقوله على القرآن الكريم.
وثانيا: يمكن أن يراد من القول الألقاء في الفكر والتأمل في النظر، أو القول له بواسطة نبي يبلغه.
وقد جاء في العهد القديم وكلم الله منسى وشعبه فلم يصغوا (2 أي 23، 10).
وثالثا: قد ذكرنا عن كتب وحي المتكلف صراحتها بأن الله خاطب الحية التي أغوت حوا.
وخاطب قايين وأبي مالك والشيطان، وتذكر أيضا أنه جل اسمه خاطب حوا (تك 3، 13 و 16) فإن كان المتكلف يسمح لهؤلاء بالنبوة فلماذا يبخل بها على الإسكندر المكدوني، وحتى متى يعترض وهو لا يدري بما في كتبه أو يدري ويتغافل، فهل هو عدو نفسه.