ورابعا: إن سفك الدماء لا يمنع من النبوة إذا كان لأجل إحقاق الحق وقطع فساد الشرك والجور، بل وكتب وحي المتكلف تفصح أنه لا يمنع من النبوة حتى إذا كان لأجل امتلاك الأرض واستلابها وسلطة الملك، فإن مقتضاها إن من أعظم السفاكين للدماء حتى دماء النساء والأطفال والبهائم جماعة من الأنبياء المقدسين وهم موسى ويشوع وداود عليهم السلام، فانظر أقلا (عد 31، 7 - 19 ويش 6 - 12 و 1 أي 22، 8).
وقل للمتكلف:
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم ثم اعترض المتكلف (يه 2 ج ص 92) على ذكر السد في سورة الكهف في الآية 92 - 97 وجعله من الخرافات الوثنيين الوهمية.
وقال المتعرب (ذ) ص 51 إن الإسكندر لم يبلغ تلك البلاد قط وإن سور الصين متأخر عن زمان الإسكندر بزهاء مائة سنة، فإن قالوا إن القرآن أراد بذي القرنين الصعب ابن الرائش كما ذكره أبو الفداء والبيروني، قلنا: إن الصعب المذكور متأخر عن بناء السور بأكثر من مائة وعشرين سنة وذلك بحسب أصح تقاويمهم.
قلنا: هب أن بعض التواريخ المختلفة قد خالف نص القرآن الكريم ولكن لا يصح لمن يعرف قدره أن يعترض على القرآن الكريم بما يخالفه من التواريخ المختلفة المضطربة ولو لم يوافقه بعضها، فقد بينا ذلك وأوضحناه في تتمة الصدر والتمهيد من هذا الجزء، وبينا فيه وجه العيب التاريخي في الكتاب المنسوب إلى الوحي، وأشرنا إلى الكتب التي ابتليت بذلك، (فانظر صحيفة 57).
* * * وقال الله تعالى في سورة مريم حكاية عن زكريا 5 (وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا 6 يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا).