ويا أسفاه فإنا نرى كل من يتصدر من النصارى للرياسة الدينية والسيطرة في تعليم الإنجيل لا يرضى من الناس إلا أن يدعوه (الأب فلان) فيدعوه الناس بذلك بلا نكير بل هو أيضا يسمى نفسه (الأب فلان) وليس هذا في عصر واحد وقرن واحد.
وما أكثر ما تسمع وترى في الصحف قول النصارى في رؤساء ديانتهم (الآباء اليسوعيين).
عجبا فأين نقل الإنجيل عن تعليم المسيح، أتراهم يرون الإنجيل مكذوبا على المسيح؟ أم ألهمهم روح القدس أن يجعلوا هذا التعليم وهذا النهي تحت أقدامهم؟
ومما كرره العهد الجديد وأكده في تعليمه حث العبيد على طاعة ساداتهم وأن يحسبوهم مستحقين كل الاكرام وإن كانوا غير مؤمنين (1 تي 6، 1 و 2) ويرضوهم في كل شئ (تي 2، 59).
ولم يتعرض في هذين المقامين لشئ من تعليم السادة بالرأفة بعبيدهم، ولكنه أكد وشدد على العبيد بأن يخدموهم بخوف ورعد في بساطة قلب، (أف 6، 5)،، ويطيعوهم في كل شئ من القلب، كما للرب (كو 3، 22 و 23)، نعم في هذين المقامين أوصى السادة بمعاملة العبيد بالعدل والمساواة وأن يتركوا التهديد.
وهذان التعليمان لم يجريا على ناموس الحكمة، بل جريا على المحاباة ومصانعة الوجوه، فإن العبيد المساكين تكفيهم عصا السادات في التعليم وعنف التسخير خصوصا إذا كان ساداتهم غير مؤمنين، وأن الذي تقتضيه الحكمة هو التأكيد على السادات بمعاملة العبيد بالرأفة والرحمة والتخفيف، وترغيبهم إلى فك عبيدهم من أسر الرق وعنائه وذلته، كما احتاط القرآن الكريم على هذه المكارم من جميع وجوهها حتى جعل العتق بابا من العبادات والقربات، ونحوا من خصال الكفارات، وجعل سهما من الزكاة لفك العبيد من عناء الرق، وسيأتي بيان ذلك مفصلا مشروحا في محله إن شاء الله.