فهل تجد ذكرا لشق البحر وعبور بني إسرائيل من وسطه والماء عن يمينهم ويسارهم، كما ذكرته التوراة، أم هل تجد ذكر الحديث تعيشهم من المن أربعين سنة في البر، ولم تبل في هذه المدة ثيابهم ونعالهم (تث 29، 5) وهل تجد ذكر الحديث انفجار الماء من الصخرة معجزة لموسى بسبب ضربة لها بالعصا عن أمر الله حتى شرب بنو إسرائيل وسقوا إبلهم وأنعامهم، وهم مئات من الألوف.
أم هل تجد في تاريخ الوثنيين ذكرا لأعمال المسيح كما تذكره الأناجيل من إحياء الموتى وشفاء العمى والخرس والمرضى؟ كلا لا تجد شيئا من ذلك، فإن الناس لا يكتبون شيئا يناقض أصولهم، بل إن كثيرا ممن يقول بنبوة موسى ووحي التوراة قد خالف التوراة وأخرج حادثة شق البحر عن موضوعها الأصلي، وكونها آية لموسى، بل جعلها من حادثة المد والجزر، والمتكلف أيضا اعترض على القرآن في قوله: إن موسى ضرب الحجر فانفجرت منه المياه، وقال (يه 2 ج ص 16): والصواب إن الصخرة انفجرت ماءا.
وقال الله جل اسمه في سورة سبأ 11: (ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزعم منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير 12 يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات).
فقال المتكلف (يه 2 ج ص 105) لم يسمع أحد أن سليمان كان يطير على الرياح، وأنه كان ينتقل من مكان إلى آخر في طرفة عين، ولم يسمع تليين النحاس له أو أنه كان بأرض اليمن، فإن سليمان كان في أورشليم وأن الذين بنوا الهيكل هم العملة لا الجن، فإن الجن اسم بلا مسمى.
قلت: إن غرض القرآن الكريم هو بيان النعمة على سليمان والتكريم له بتسخير الريح لأمره بحيث يكون غدوها شهر ورواحها شهر، ومع عظيم هذه النعمة والكرامة فلا مداخلة في هذا الغرض لبيان كيفية تسخير الريح، وكيف يتصرف بها ومن أين تغدو وإلى أين تروح، وبأي شئ مجيئ وبأي شئ