طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود 121 وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل).
والمتكلف ينكر ذلك ويقول (يه 2 ج ص 23)، وكتاب الوحي الإلهي يعلمنا أن إبراهيم لم يتوجه مطلقا إلى الكعبة، ولا إلى بلاد العرب، ثم ذكر ما ذكرته توراته في سيرة إبراهيم المجملة، ثم قال: والحقيقة هي أن الكعبة بيت زحل.
قلت: ليس في التوراة الرائجة ما يدل على أن إبراهيم لم يتوجه مطلقا إلى الكعبة ولا إلى بلاد العرب، وغاية ما فيها أنها لم تذكر بصراحتها سفر إبراهيم إلى مكة، وغاية ما تعرضت له من أحوال إبراهيم إنما هو رحلاته التي هاجر فيها بعائلته وثقله وبيته، وإنما كان ذهابه إلى مكة من سفرياته الخصوصية، ولم تتعرض التوراة الرائجة لهذا النوع من السفريات، كما أهملت ذكر شؤونه وأحواله ونشوؤه وتربيته فيما بين النهرين وقد قضى من ذلك شطرا وافيا من عمره وهو مؤمن بل نبي بين وثنيين لا بد أن تجري لهم معه شؤون مهمة، وكما أهملت ذكر شؤونه في حاران أيضا.
أفترى إذا قال بعض المؤرخين أن إبراهيم سافر وهو فيما بين النهرين إلى اليمن أو عمان أو سافر وهو في حاران إلى ناحية الشمال فهل يحسن من ذي أدب أن يرده بخلو التوراة من ذلك؟ كلا.
فإن قلت: إن الذي يدعي من سفر إبراهيم إلى مكة وبناء البيت أمر مهم لا ينبغي للتوراة أن تهمله إذا كان له أصل، (قلت):
أما أولا: فإن توراة حلقيا أو غيره مشغولة بما هو أهم من ذلك عندها وهو التسجيل على رحلة إبراهيم إلى (مصر، وجرار) لكي تجري وظيفتها في ذكر قصة فرعون وأبي مالك مع إبراهيم، فتمجد إبراهيم بذلك انظر (تك 12، 11 - 20، و 20، 1 - 18).
وأما ثانيا: فإن هذه التوراة إنما هي كآبائها بني إسرائيل إذ حرصوا على أن يجعلوا نصيبا لغيرهم في توحيد الله وعبادته وشريعته ونبوته، فكيف تسمح