وأنه ليقبح على الرجل أن يكون مثله كمثل النعامة إذا قيل لها طيري قالت أنا بعير، وإذا قيل لها احملي قالت أنا طير.
فليس للرجل أن يظهر نفسه لبعض الأمور نصرانيا، ويكون في طواياه بالنسبة إلى الإلهيات طبيعيا دارونيا، فيسر حسوا بارتعاء، بل إما أن يذعن بقدرة الإله وحقيقة المعجزات، كما جاهرت به كتب العهدين، وإما أن يقف في صف شبلي شميل تحت راية دارون.
ومن هذا الوباء أن جملة من أهل الكتاب ذهبوا إلى أن معجزة شق البحر الأحمر لبني إسرائيل إنما هي من حادثة المد والجزر، وذلك لئلا تكون خارقة لعادة الطبيعة، حتى أنهم رسموا في الخارطة خط عبور بني إسرائيل من البحر على طرف خليج السويس بحيث يكون على طرف شواطيه التي ينحسر عنها الماء عند الجزر عادة، حتى كأنهم لم يسمعوا من العهد القديم أنه انشق الماء ودخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابسة والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم (خر 14، 21 و 22)، وتراكمت المياه وانتصبت المجاري كرابية وتجمدت اللجج في قلب البحر (خر 15، 8)، وفلق اليم أمامهم، وعبروا في وسط البحر (نح 9، 11) والله شق البحر بقوته (مز 74، 13) وشق المياه قدامهم ليصنع لنفسه اسما أبديا (اش 63، 12)، ولو كانت واقعة البحر من حادثة الجزر لكانت هذه الكلمات غلطا وافتراء.
وقال الله تعالى في سورة البقر 57: (وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتي عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم) وفي سورة الأعراف 160 (وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر فانبجست منه اثنتي عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم)، وقد ذكرت التوراة الرائجة لذلك واقعتين ضرب فيهما موسى الحجر عن أمر الله فانفجرت منه المياه.
(الواقعة الأولى) في رفيديم (خر 17، 5 و 6)..
(والواقعة الثانية) في برية صين (عد 20، 7 - 12).