25)، فيا لهفاه على العربية.
وأما قوله تعالى في سورة الحج 20 (هذان خصمان اختصموا في ربهم) فثنى فيه في الأولين باعتبار أن الخصومة على طرفين وبين فريقين، وهما الذين كفروا والذين آمنوا، وجمع في الأخيرين باعتبار كثرة المتخاصمين من الفريقين، فلو جمع في الأولين لما دل الكلام على أن الخصومة على طرفين وبين فريقين، ولو ثنى في الآخرين لما دل على كثرة المتخاصمين، فلو غير الأسلوب الموجود في الآية لخرج الكلام إلى ضد حقيقته.
وأما قوله تعالى في سورة الحجرات 9: (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) فقد جمع في قوله (اقتتلوا) باعتبار أن القتال يقع بين آحاد الطائفتين الكثيرين، وثنى في قوله (بينهما) فلبيان أن الواجب هو الصلح بين الطائفتين، ولا يحصل امتثال الواجب أصلا إذا أصلحوا بين بعض أفراد الطائفتين وإن كانوا جمعا كثيرا، وأيضا فإن قرار الصلح وروابطه لا يقع غالبا بين جميع المقتتلين، وإنما يقع بين عنوان الطائفتين ورابطتي رئاستيهما، فلو غير الأسلوب الموجود في الآية أيضا لخرج الكلام إلى غير المراد منه.
وأما قوله تعالى في سورة الأنبياء 3: (وأسروا النجوى الذين ظلموا) فإن الغرض فيه إسناد الفعل إلى اللاعبين اللاهية قلوبهم، كما سبق فأسند إلى ضميرهم شرحا لذميم حالهم وتسجيلا عليهم بقبيح تماديهم في الغي، ثم جاء بقوله: (الذين ظلموا) بدلا من الضمير، أو منصوبا على الاختصاص والذم إعلاما بظلمهم في أسرارهم النجوى بجحد الرسالة بالذكر وتسميته سحرا، واحتجاجهم الفاسد بكون الرسول بشرا، ولو أسند الفعل رأسا إلى الذين ظلموا لانحل ارتباط الكلام ولم يدل على المراد منه كما ذكرنا.
وبما ذكرناه تعرف شطط المتعرب في كلامه (ذ ص 76 و 77) وأما اعتراضه على القرآن الكريم (ذ ص 77) بخرافة جمع القلة والكثرة، فهل عدا فيه أن اتبع به الأصمعي وأمثاله على غير هدى ولا كتاب منير، ولو أن القرآن الكريم كان كلام واحد من سائر العرب لقبح الاعتراض عليه بعثرات أوهام الأصمعي وأمثاله، بل كان هو الحاكم عليهم والمقيم لأودهم، أو لم يصد المتعرب عن