أيضا واديا ذا أربع شعب متقاطعة على زوايا مختلفة، وهو في قرب ما سمي أيضا وادي فيران، فلا سبيل لهم إذا في تعيين ما ذكرته توراتهم منزلا لإسماعيل بمجرد الاسم فإنهم قد سموا بذلك أماكن متباينة في الوضع والبعد.
وإن سامحنا المتعرب ورجعنا إلى اكتشاف برية فاران من علامات التوراة ومضامينها، فلا بد أن نقول: إن برية فاران واقعة في شرقي جبل الشرات وهو السلسلة الممتدة في شرقي الأردن فبحيرة لوط فوادي العربة فخليج العقبة فالبحر الأحمر إلى الحجاز ومن رؤ وسها جبال مكة.
والبرية التي في شرقي جبل الشرات لا ربط لها ببرية سينا ولا فلسطين فإنها مفصولة عنهما بسلسلة جبل الشرات ثم الأردن وبحيرة لوط ووادي العربة وخليج العقبة ثم السلسلة الغربية المتوجهة من حدود لبنان إلى جبل سينا، وأن مقتضى التوراة أن برية فاران تسمى بها برية صين وقادش برنيع كما يعرف من (عد 13، 3 و 12 و 26، و 32، 8 وتث 1، 19 - 26).
وإنك لتعرف منها أيضا أن برية فاران واقعة في شرقي جبل الشرات، فقد ذكرت مراحل بني إسرائيل ومنازلهم على التفصيل والترتيب والتتابع من مصر إلى عربات مواب حيث توفي موسى عليه السلام، فذكرت لهم من برية سينا إلى عصيون جابر عشرين مرحلة ومنزلا (عد 33، 16 - 36)، وأن عصيون جابر واقع إا في وادي العربة الشرقي سلسلة جبال سينا، وإما في شرقي سلسلة جبل الشرات.
ثم قالت: وارتحلوا من عصيون جابر ونزلوا في برية صين وهي قادش وارتحلوا من قادش ونزلوا في جبل هور في طرف أرض أدوم (عد 33، 26 و 27) وقد عرفت من التوراة أن برية صين وقادش هي برية فاران وعرفت موقع عصيون جابر، وأما جبل هور فهو جزء من جبل الشرات مائلا إلى الشرق منه.
وتقول التوراة أيضا: وعبرنا عن إخوتنا بني عيسو الساكنين في سعير من طريق العربة من إيلة ومن عصيون جابر (تث 2، 8) والعبور عنهم بهذا النحو