وشمول الشريعة والإصلاح، بل خص بني إسرائيل بدعوة التوحيد والشريعة وأحكام أراضيهم، وسلطهم على قتل الأمم حتى النساء والأطفال بلا علة سوى استلاب أراضيهم وإزعاجهم عن أوطانهم من دون أن يربط ذلك بالدعوة إلى الهدى والتوحيد وعدل الشريعة وآدابها، فلم يذكر وقوع شئ من ذلك لا وحيا ولا عملا، ولم يتعرض له ولم يتوعد على مخالفة الشريعة والتوحيد إلا بنحو والمرض والفقر، ولم يجعل الثواب إلا بنحو كثرة الحنطة والخمر، وغادر أمر الثواب والعقاب في الآخرة نسيا منسيا، بل لم يتعرض لذكر المعاد والقيامة أصلا ورأسا لا تصريحا ولا تلويحا، وجعل سيطرة الشريعة وإمامتها إلى هارون، وذكر أن الله كلمه مع موسى ومنفردا.
ثم ذكر أن هارون صنع العجل إلها يعبده بنو إسرائيل، وبنى مذبحا أمامه ونادى لعبادته.
ثم سالت النبوة على النساء والرجال، وإلى آخرها لم تذكر كتب العهد القديم عن الأنبياء والنبيات دعوة عامة، أو إشارة إلى هدى لعموم الناس بل ذكر في النبوة أنها تقوم بضرب الدف والعود والناي والرباب، وبالتعري والأضطجاع، ويكون تبليغها بأنواع الخلاعات والتجانن، والفحش في الانذار والوعيد بألفاظ الزنا، وكشف العورة والهتك مما لا نسمعه إلا من تهديد المتهتكين.
هذا كله وسلعة النبوة المبذولة بائرة في سوق بني إسرائيل، وإن زاد عدد الأنبياء في الزمان الواحد على المائة، بل كان النفوذ والأثر الرائج لضلال الوثنية وطغيان الفساد الذين يتقلب بهما ابن لله البكر بنو إسرائيل حتى جرى ذلك النفوذ بنقل كتبهم على أعيان الأنبياء، كما قرفت به قدس هارون وداود وسليمان عليهم السلام.
ثم أفضت نوبة النبوة إلى المسيح فقرفت الأناجيل قدسه بما نحتشم تكراره، وذكرت انه لم يسعده الامهال إلا ثلاث سنين على تستر وخوف في تعليمه اليسير.
ولكن بعد ذلك انحل وكاء النبوة والرسالة فهطلت على التلاميذ الذين