ذلك، فكيف وقد بينها القرآن الكريم بوحي الله إلى رسوله الصادق الأمين.
أم يقول المتكلف ليس الأمر كذلك، بل كانت دعوة موسى وهارون لقومهما ولفرعون كقبسة العجلان واستعجال الخائن المتكلف.
وقال الله تعالى شأنه في سورة الإسراء 103: (ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فاسأل بني إسرائيل إذ جاءهم فقال له فرعون إني لأظنك يا موسى مسحورا قال لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورا).
والمثبور: هو المعذب الهالك، والمراد من ذلك إنذار فرعون بالنكال ووبال العاقبة إذا تمادى على طغيانه وغيه، فقد كان يظن من أمارات عتوه وطغيانه أنه لا يقلع عن غيه.
ولكن المتكلف يقول ببواعثه (يه 2 ج ص 87)، وقد افترى القرآن على موسى وعلى فرعون بأنهما تشاتما وموسى لم يشتم فرعون، كما أن فرعون لم يلعن موسى، فإن هذه المسألة ليست مسألة مطاولة وقباحة، ولا يعقل أن موسى المشهور بالحلم والوداعة يتطاول على ملك مستبد.
قلت: ما غر المتكلف ومعرفة المرسلين الأمريكان بهذا الكلام، إلا أن ألفاظ القرآن لا توجد في توراتهم، ولم يشعروا من توراتهم بأنها قد أهملت الكثير من مخاطبات موسى وهارون مع فرعون، كما أهملت أجوبته لهما، بدليل قولها عن قول الله لموسى، أنت تتكلم كما أمرك، وهارون أخوك يكلم فرعون ليطلق بني إسرائيل من أرضه، فلم تبين بعد هذا كلام موسى وهارون ولا جواب فرعون لهما، بل طوت الحال ولم تبين ماذا أمرهما الله أن يتكلما به مع فرعون وماذا قالاه له؟ وبماذا أجابهما؟ بل قالت ففعل موسى وهارون كما أمرهما الرب، انظر (خر 7، 2 - 7).
وقولها أيضا: إذا كلمكما فرعون قائلا: هاتيا عجيبة تقول لهارون: خذ عصاك واطرحها أمام فرعون فتصير ثعبانا، فدخل موسى وهارون وفعلا هكذا، كما أمر الرب وطرح هارون عصاه أمام فرعون وعبيده فصارت ثعبانا