واسمع إذا خبط التوراة الرائجة في مراحل بني إسرائيل ومنازلهم فإنها تقول: إن بني إسرائيل ارتحلوا من أبت ونزلوا في عي العباريم، من هناك ارتحلوا ونزلوا في وادي زارد من هناك ارتحلوا ونزلوا في عبرارنون، ومن هناك إلى بأره - أو بئر -، ومن البرية إلى متاناه، ومن متاناه إلى نحليئل ومن نحليئل إلى باموت ومن باموت إلى الجواء.
وأرسل إسرائيل رسلا إلى سيحون ملك الأموريين (عد 21، 11 - 22)، ثم قالت: إنهم ارتحلوا من أبت ونزلوا في عي العباريم (أي خربات العباريم) وارتحلوا من الخربات ونزلوا في ديبن جاد ومنها في علمون دبلاتايمه ومنها في جبال عباريم ومنها في عربات مواب على أردن أريحا (عد 33، 44 - 50)، فانظر هذا الاختلاف وضمه إلى ما ذكرناه في الصدر والتمهيد عن عاشر التثنية (6 و 7) وليفتخر المتكلف بإتقان توراته.
وقال الله تعالى في سورة الأعراف 146 (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا)، وفي سورة طه 90 (فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار فقال هذا إلهكم وإله موسى فنسى 91) (أفلا يرون س لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا 96 قال ما خطبك يا سامري قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها).
فاعترض المتكلف على ذلك (يه 2 ج ص 55) بأن كون العجل له خوار هو من خرافات اليهود القديمة، وأن الله جل اسمه لا يساعد على الاشراك به وأنه لم يكن في عصر موسى شئ يقال له سامره ولا سامري فهو من التخيلات البعيدة المستحيلة، كما يدل عليه تاريخ بني إسرائيل بل تواريخ العالم قاطبة، وأنه ليس لجبرائيل فرس حتى يقول: إن السامري ألقى في فم العجل من تراب أثر فرس جبرائيل.
قلت أولا: لم يقل القرآن الكريم إن العجل كان يخور هو بخوار حيواني غير منبعث عن وضع صناعي أو روح كهربائي، بل قال (له خوار) - أي يسمع منه صوت كصوت البقر - والفرق بين العبارتين لا يخفى على من له