نعم يختص التعدي المذموم بلفظ الاعتداء، فالاعتداء هو تعدي الحد حيث لا ينبغي.
ثم اعترض أيضا (ذ ص 82 و 83) على قوله تعالى في سورة القصص 76: (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة).
فقال الوجه لتنوء بها العصبة أي تنهض على تثاقل، فالعصبة هي التي تنوء بالمفاتح لا المفاتح بالعصبة.
فأقول: جاء في النوع السادس والثلاثين من إتقان السيوطي أن سائلا سأل عن قوله تعالى: (لتنوء بالعصبة)، فأجاب المجيب بقوله: أما سمعت قول امرئ القيس:
تمشي فتثقلها عجيزتها * مشي الضعيف ينوء بالوسق والظاهر أن سؤال السائل كان عن مجيئ ذات اللفظة في العربية لا عن معناها الخاص في الآية الكريمة فاكتفى المجيب بذكر ما يدل على وجودها وإن كان مخالفا لمعناها في الآية.
واحتمل أن المتعرب رأى ذلك في الإتقان، فتوهم أن السؤال كان عن مجيئ (تنوء) على المعنى الذي في الآية فاستشعر من مخالفة الجواب أن المجيب لم يجد شاهدا على ما في الآية، واحتمل أيضا أن المتعرب جرى على عادته في إقدامه على الاعتراضات الباطلة تمويها بتعصبه وترويجا لباطله.
ومهما يكن من ذلك فلا يخفى أن اللغويين اتفقوا على قولهم: (ناء بالحمل نهض به على تثاقل، وناء الحمل به أثقله وأجهده).
وأن العرب تسند بعض الألفاظ إلى أمور متقابلة.
قال امرؤ القيس في معلقته:
كميت يزل السرج عن حال متنه * كما زلت الصفواء بالمتنزل فاسند الزلل في صدر البيت إلى السرج المتحول، وأسنده في العجز إلى الصفواء المتحول عنها المطر، ومن ذلك (ناء ينوء) فإنها تسند تارة إلى المثقل