الواقعة، لكن تجبروا وصعدوا إلى رأس الجبل، فنزل العمالقة والكنعانيون الساكنون في ذلك الجبل وضربوهم وكسروهم إلى حرمة (عد 14، 44 و 45) (قلت) له: إذا فإن الحياء زينة الرجل، أفتريد أن تعارض الحقائق المعروفة في الأجيال المتعددة عند ملايين لا تحصى من أهل المعارف والدقة، وتغالط فيها بكلمة لا تفهم معناها من كتاب يلجأك سقمه واضطرابه إلى الاعتراف بغلطه.
وأما قول المتعرب: إن التوراة تقول: إن إسماعيل نزل أمام إخوته وهؤلاء كانوا بأرض كنعان من الشام، ولم يكن أمامهم مما يلي جزيرة العرب سوى بلاد ثمود.
قلت: إن كان مراد التوراة إسماعيل نفسه وإنه نزل أمام إخوته أولاد إبراهيم، فقد كذب المتعرب أو وهم بقول، (وهؤلاء كانوا بأرض كنعان) لأن إسماعيل لم يكن له في أرض كنعان إلا أخ واحد وهو إسحاق، وأما إخوته الستة بنو قطورة، فإنما كانت منازلهم في أرض المشرق (تك 25، 1 - 7)، وهي في شرقي جبل الشرات، ومنهم مدان ومديان، وهكذا إن كان المراد من إخوته هم عشيرته وبنو نسبه فإن أكثرهم لم يكونوا في كنعان لأن إخوته الستة أولاد قطورة والموابيين والعمونيين بني لوط كانوا كلهم في شرقي جبل الشرات وعلى كل حال لا يتعين من نزول إسماعيل مقابل هؤلاء كونه سكن في برية سينا بل يجوز أن يراد بذلك سكناه في مكة، فإن التوراة كثيرا ما تذكر الجهات بالسمت البعيد جدا، فقد سمت حاران بأرض بني المشرق (تك 29، 1) مع أن سمتها يميل إلى الشمال عن مشرق مساكن إسحاق في كنعان بما يزيد على أربعمائة ميل جغرافي.
وسمت (سفار) بجبل المشرق (تك 10، 30) مع أن سمته يميل إلى الجنوب عن مشرق الأماكن التي نزلت فيها التوراة بما يزيد على الثمانمائة ميل ووصفت عبر الأردن الذي نزل فيه سفر التثنية بأنه قبالة (سوف) مع أنه ليس له مسامتة ومقابلة حقيقية أو عرفية مع سوف إلا مع البعد الشاسع، ووصفته أيضا بأنه بين فاران وحضيروت (تث 1، 1) مع، أن بينه وبين حضيروت مسيرة سبعة أيام تقريبا انظر (تث 1، 2 وعد 33، 16 و 17).