من البحر لما فهمت منه إن كنت أهل اللسان أنه أنجاه حيا وأنجى نفسه من الهلكة، بل إنما تفهم بواسطة التقييد بالبدن إن أنجى ذات بدنه المجرد عن النفس من صدمات البحر وحيواناته.
وكذا قولك: أنجيت بدن زيد أو جثته من المعركة، أو أنجيته ببدنه أو بجثته من المعركة.
وقال الله تعالى في سورة الأعراف في شأن بني إسرائيل 170: (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون).
وقال جل شأنه في سورة النساء 153 (ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم)، فنقل المتكلف عن تفسير الخازن أن أصحاب الأخبار قالوا: إن بني إسرائيل لما أبوا أن يقبلوا أحكام التوراة لما فيها من التكليف الشاقة أمر الله عز وجل جبرائيل فرفع جبلا عظيما حتى صار على رؤ وسهم كالظلة، فلما نظروا إلى الجبل فوق رؤسهم خروا ساجدين، فسجد كل واحد منهم على خده وحاجبه الأيسر وجعل ينظر بعينه اليمنى إلى الجبل خوفا أن يسقط عليه ولذلك لا تسجد اليهود إلا على شق وجوههم الأيسر، فقال المتكلف (يه 2 ج ص 16) فهذه الأقوال ليست فقط من الأغلاط، بل هي من الخرافات القديمة اليهودية، أما كتاب الله فيعلمنا أنه لما أنزل الله الشريعة على موسى بمرأى من بني إسرائيل رأوا الرعود والبروق وصوت البوق والجبل يدخن ففزعوا وارتعدوا ووقعت هيبة الله وموسى في قلوبهم (خر 20، 18) فانظر بين الكلام المعقول المقبول وبين الخرافات اليهودية.
قلت: إن كان اعتراض المتكلف لأجل أن ما ذكره الخازن غير موجود في توراته فهو شطط، لأن توراة حلقيا أو غيره كما عرفت حالها وتزداد فيه معرفة إن شاء الله لا تنهض بثقل خرافاتها في الإلهيات، والنبوات حتى تكون ميزانا للحقائق.
وقد قدمنا لك أنها أهملت ذكر ارتعاد موسى وارتعابه، كما نص عليه