بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة الثالثة عشرة في دفع الاعتراضات على قدس القرآن الكريم، وفيها فصول الفصل الأول في الاعتراضات عليه من حيث العربية وقد وسوس بها الضلال لأهواء شرذمة غرها الجهل، وأغرتها العصبية فشطت عن القصد، وعكفت على الشطط، فكشفت عن مغطئها وفضحها نضحها، ليعتبر المتبصر، ويبصر المتدبر، كيف مني الحق، وابتليت الحقائق واستفحل الجهل، وقل الحياء وجمح الغرور، فكم من بادرة يجب التستر بها حتى في المستراح، قد سماها الجهل في سوق الأدب سوم العلق الثمين، فسود بها وجوه الصحف، وشوه بها صورة العلم.
فهل كان يلوح للخيال ويترائى للوهم، أن واحدا من الناس تستفزه العصبية، ويمنيه الضلال، ويغريه الجهل بأن يتعرض بطبيعته الجعلية، وقريحته الهمجية إلى الاعتراض على القرآن الكريم بالعربية، وقد علم الشرقي والغربي، والعربي والعجمي، والفاهم والغبي بأنه لؤلؤ بحرها، وقلادة نحرها وعقدها الفريد، وبكرها الوحيد، قد أقعت لباهره البلغاء، وسجدت لهيبته الفصحاء، وخضعت لسلطانه الخطباء، ففقأ عين الحاسد، وأرغم أنف الشانئ، ولم يبق للعرب معلقة إلا حطها، ولا شاردة إلا عقرها، حيث استقل من العربية بصدر النادي، ومحتبى الدست، ومرف اللواء، وذروة المنبر، وصار موردها المستعذب ومنهلها المورود، وروضها المرتاد وإمامها المقدم، وقاضيها المحكم، فراج به سوقها، وأزهر به روضها، وأشرق به وجهها، إلى أن أسفر صبح الإسلام على الأمم، واتحدت في هداه العرب