يحكيه الإنجيل الرائج في قصة انقلاب الماء خمرا إذ قال فيه وهذه بدأت الآيات فعلها يسوع (يو 2، 1 - 12)، أفيقول المتكلف إن الخمر المنقلب عن الماء كان نبيا لأنه قيل فيه (آية) وإنما يستعمل ذلك في حق الأنبياء، نعم لا يبعد فيه أن يقول.
الثالث: قوله: لو كان لهذه القصة أصل في كتب الوحي الإلهي لذكر اسم هذا الشخص.
قلت: وهذا الوهم ينحل إلى أوهام.
أحدها: يعرفه كل من مارس القرآن الكريم وعرف منه أنه لم يكن متبعا في مواعظ قصصه وحججها أحاديث العهدين (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) كما اختلفت كتب العهد القديم في قصصها والأناجيل في منقولاتها.
وثانيها: إن من عرف من القرآن أنه كتاب هدى وموعظة وحجة وتمجيد للأنبياء والصالحين ليعرف أنه لم يتعلق غرضه في قصصه إلا بهذه الفوائد فيقتصر في قصصه على ما يؤدي هذه الأغراض الحميدة من دون فضول وكل من له رشد يعلم أنه ليس لذكر اسم الشخص هاهنا مداخلة في التذكير بالحجة على المعاد، ولم يكن القرآن مجلة تاريخية تنص على الأسماء حتى على أسماء النساء وحتى في مقام الوقيعة والهتك لأعراض الأنبياء والأولياء، ومع ذلك فإن العهدين مع طريقتهما قد أهملا ذكر كثير من الأسماء في مقام التاريخ الذي يكون بإهمالها مشوها أبتر، فقد قالت في تاريخ ولادة موسى وجاء رجل من بيت لاوي وأخذ بنت لاوي فحبلت المرأة وولدت ابنا، ووضعت ولد ووقفت أخته (خر 2، 1 - 5)، مع أن التاريخ والامتنان وبيان العناية والإلطاف بموسى، ونفوذ المشيئة الإلهية يوجب كل واحد منها النص على الأسماء، ولكن لو كان وقيعة وهتكا للأعراض لنص على الأسماء على العادة الجارية في العهدين.
وفي العهدين أيضا في تاريخ يربعام وجاء رجل الله، وقال رجل الله (وهكذا 15 مرة)، وكان نبي شيخ، النبي الذي أرجعه النبي الشيخ انظر (1 مل 12).