للاستيطان العرفي (1) بأحد وجهين: من شارحية الصحيحة لها، ومن تقييد إطلاقها لها. والشارحية على قسمين:
أحدهما: كون الصحيحة مفسرة للاستيطان المذكور في تلك الأخبار كما هو المعروف، فيورد عليه بأنه خلاف ظواهرها المستقرة في الوطن العرفي، ولا طريق إلى معروفية الوطن الشرعي حتى يستكشف بهذه الصحيحة أن الاستيطان هناك هو المعنى المعروف عندهم.
ثانيهما: الشارحية بمعنى التنزيل الموضوعي، فلا ينافي ظهور تلك الأخبار في الاستيطان العرفي بإقامة ستة أشهر فرد آخر من الاستيطان تنزيلا، كما يقال: الظن علم مع بقاء العلم المغيى به الحكم على حاله من الظهور في العلم الوجداني، فإنه بعد السؤال بقوله: ما الاستيطان؟ يكون قوله (عليه السلام): " أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر " (2) إثباتا لفرد من الاستيطان المعروف معناه تنزيلا، وأما تقييد تلك المطلقات فهو أيضا على وجهين:
أحدهما تقييد إطلاقها من حيث ضم ضميمة إلى الاستيطان العرفي، ومقتضاه تضييق دائرة الاستيطان العرفي بإقامة ستة أشهر كما هو مذهب جماعة على ما سيجئ إن شاء الله تعالى، وهو خلاف ظاهر الصحيحة، فإن ظاهرها أن الإقامة المذكورة بقيودها هي بنفسها استيطان لا أنها قيد للاستيطان العرفي.
ثانيهما: تقييد إطلاقها من حيث تعينه وعدم عدل وبدل له. هذه الصحيحة مثبتة لما هو عدل وبدل للاستيطان العرفي، فكل من الطائفتين متكفل لصنف من الاستيطان الذي يغيى عن الصنف الآخر، وهذا النحو من التقييد لا محذور فيه أصلا. وبما ذكرنا يتوجه قول المشهور بالوطن الشرعي في قبال الأصلي والاتخاذي.
وقد عرفت عدم صحة شرطية الإقامة المزبورة في كل سنة، فلا مجال حينئذ لاستظهار التجدد من الفعل المضارع كما هو المعروف، بعدم عدم إمكان الشرط