لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام إلا أن يكون له فيها منزل يستوطنه، فقلت:
ما الاستيطان؟ فقال (عليه السلام): أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر، فإذا كان كذلك يتم متى دخلها " (1) وهذه الصحيحة هي مدرك الوطن الشرعي. والجمع بين الطوائف الثلاث المتقدمة واضح بتقييد إطلاق النفي والاثبات في الأولى والثانية، بالاستيطان العرفي وعدمه. ويبقى الكلام في الجمع بين هذه الصحيحة (2) والطائفة الثالثة الظاهرة في لزوم الاستيطان العرفي وهو يتوقف على بيان مفاد الصحيحة. فنقول: محتملاتها ثلاثة أحدها: ما فهمه المشهور من حصول الاستيطان شرعا بإقامة ستة أشهر في المنزل المملوك. ثانيها: حصوله بإقامة ستة أشهر دائما، أي في كل سنة فيساوق الاستيطان العرفي. ثالثها أن يكون قيد ستة أشهر قيدا للنية والاتخاذ لا للمنوي والمتخذ، بمعنى أنه ينوي الإقامة الأبدية ويبقى على نيته ستة أشهر فيساوق الوطن العرفي في وجه، ويفارقه في وجه آخر.
وحيث إن الظهر من قوله (عليه السلام): " أن يقيم ستة أشهر " (3) هي الإقامة الخارجية الفعلية دون نية الإقامة، فلا يصح إلا الاحتمال الأول لأن الإقامة الخارجية ستة أشهر في كل سنة دائما، أما أن يكون شرطا بنحو الشرط المتقدم، أو الشرط المقارن، أو الشرط المتأخر، لا سبيل إلى الأول وإلا لم يجب الاتمام إلا عند انقضاء العمر، ولا سبيل للثاني إذ لا مقارنة إلا للإقامة في حال الاتمام، ولا سبيل إلى الثالث لعدم معقولية الشرط المتأخر في نفسه، وعدم إمكان الالتزام به هنا، إذ لو أعرض عنه بعد إقامته مدة مديدة، كشف عن بطلان ما أتمه من الصلوات من أول الأمر، كما هو مقتضى الشرط المتأخر، ولا يمكن الالتزام بشرطية الإقامة ستة أشهر في السنة الأولى بنحو الشرط المتقدم، وفي البقية بنحو الشرط المتأخر لوحدة الدليل ووحدة الجعل، وعليه فالجمع بين هذه الصحيحة والطائفة المتكفلة