لكل من الناقل والمنقول كونا نسبيا على التعاقب، فلا يعقل أن يكون نقله عين سيره للبرهان على اتحاد الايجاد والوجود بالذات فكون نقله تصرفا في المغصوب غير ضائر لأن النقل والسير فعلان متقارنان، لا النقل مقدمة للسير، ولا السير مقدمة للنقل، وكل منهما مستقل بالإرادة.
ومنها: ما إذا مشى في أرض مغصوبة فتارة تكون الأرض مغصوبة فقط دون الفضاء. وأخرى يكون الفضاء مغصوبا.
أما الأول: فلا يوجب حرمة السفر لا لأن السفر لا بد من أن يكون بعنوانه حراما لا بعنوان آخر ينطبق عليه فإنه بلا وجه، فإن السفر بما هو مباح بذاته وإنما يحرم من حيث انطباق عنوان محرم عليه كعنوان الإباق، أو عنوان الفرار من الزحف، أو عنوان تشييع السلطان، ومنه عنوان الغصب، بل لأن المشي على أرض مغصوبة وإن كان تصرفا في الغصب إلا أنه مقدمة للسفر لا عنوان له، لأن السفر كما مر متقوم بالأكوان النسبية المتعاقبة والمشي على الأرض كالركوب في السفينة في الماء، والركوب في الطيارة في الهواء مقدمة لحصول السير وهي الأكوان النسبية المضافة إلى المكان وهو البعد المجرد، وتلك الأكوان النسبية لا اتحاد لها مع المشي المحرم ولا متقومة به.
وأما الثاني فهو موجب لحرمة السفر، لأن تلك الأكوان النسبية متقومة بالنسبة إلى المكان بالمعنى المتقدمة، فالكون النسبي الواحد سفر في نفسه ومحرم، لكونه عين الكون في المكان المغصوب، فعدم الاتمام في المشي على الأرض لا بد من أن يحمل على مغصوبية الأرض فقط.
ومنها: ما إذا كان لابسا للمغصوب في سفره أو حاملا له، فالأقوى أيضا القصر لأن الكون النسبي المتعاقب القائم باللابس والحامل غير الكون النسبي القائم باللباس والمحمول، ويستحيل اتحاد فرد من مقولة مع فرد آخر، وليس الكون القائم باللابس والحامل مقدمة للكون النسبي القائم باللباس والمحمول حتى يكون السفر مقدمة للحرام، بل هما متقارنان. وإرادة السير الموجبة لتحققه توجب تحقق مقارنة الذي هو معه فالسفر مقارن للغصب لا معنون به، ولا مقدمة له.