السفر في معصية الله، ولكن العمدة نفي المقدمية رأسا. وإلا فقد عرفت أن صيرورة المقدمة محرمة غير لازمة لأن موضوع الاتمام هو السفر لغاية محرمة، سواء اتصف السفر بأصل الحرمة أم لا.
لا يقال: منع مقدمية خصوص الفعل لترك الضد غير مجد هنا، إذ لنا أن نقول إن نفس السفر ضد للحضور الذي هو شرط أداء الدين على الفرض، فأداء الدين واجب، وترك السفر الذي هو ضد له بالعرض مقدمة له فهو واجب، وبابه حينئذ باب مقدمية ترك الضد لفعل ضده، لا مقدمية فعل الضد لترك ضده.
لأنا نقول: لا يوجب ذلك كون السفر لغاية محرمة إلا باعتبار أن فعل السفر مقدمة لترك أداء الدين المحرم حتى يندرج تحت عنوان السفر لغاية محرمة، وإلا فمجرد حرمة السفر عرضا لوجوب ترك لا ينتج كون السفر لغاية محرمة.
نعم هذا التقريب يجدي في دفع الايراد الثاني فتدبر. مع أنك قد عرفت سابقا إن مجرد المقدمية للحرام لا يوجب الاتمام، بل كما هو ظاهر النصوص إذا كان السفر لغاية محرمة فمجرد كون السفر مستلزما لترك الواجب لا بقصد ترك الواجب، بل بقصد الزيادة لا يوجب الاتمام.
نعم ربما يستثنى من موارد الاستلزام مع عدم البناء على مقدمية الضد ما إذا كان السفر فرارا من أداء الدين فإنه حينئذ يكون السفر مقدمة لترك الواجب، حيث لا يتمكن من ترك الواجب إلا بسفره.
ويندفع بأن ذلك لا يوجب انقلاب ما ليس بمقدمة مقدمة، غاية الأمر إنه لا يمكن من ترك أداء الدين في الحضر حيث يجبر عليه ويستوفي منه الدين بخلاف ما إذا سافر فإنه لا يمكن إجباره على الواجب الذي يكون تركه ملازما لسفره.
وأما مجرد الفرار عن التكليف فالحكم بقبحه بلا وجه، إذ ليس الفرار عن الامتثال إلا ترك الواجب، كما أن عنوان التوصل بشئ إلى الحرام مع عدم المقدمية ليس من العناوين المحرمة نفسا حتى يوجب الاتمام من حيث حرمة نفس السفر. هذا كله في نفي المقدمية.
وأما مسألة شمول بعض عناوين الأدلة لمورد الاستلزام كعنوان " السفر