الاجماع فراجع.
وأوسط الأقوال هو الأوسط. واندفاع الوجه الأول واضح مما مر. ويندفع الوجه الأخير بأن اجتماع الشرائط في موجب القصر لازم ولا يكفي وجودها متفرقة فلا يجدي قصد الثمانية في كل جزء والإباحة في بعض الأجزاء، ومعنى شرطية الإباحة بقاء بحيث يدور وجوب القصر مدارها هو شرطيتها في كل ما يتقوم به المسافة المعتبرة في التقصير لا أنه شرط في بعض المسافة المحكومة بالقصر. وأما كفاية مجرد العدول ثانيا إلى قصد غاية مباحة أو مع التلبس بمقدار من السير المباح فحال ما نحن فيه حال مسألة العدول من قصد غاية مباحة إلى غاية محرمة كما تقدم الوجه فيه نفيا وإثباتا. وعن الشيخ الأجل (قدس سره) في كتاب الصلاة (1) " اعتبار التلبس هنا بجزء من السير المباح دون ما تقدم لتحقيق صدق أنه متلبس بالسفر المباح " وهو منه غريب بعد اختياره " إن جميع أكوان المسافر حالات سفرية وإن الوحدة محفوظة بعدم تخلل القاطع " (2) فإن مقتضاه إنه بمجرد عدوله إلى غاية مباحة يصدق عليه إنه فعلا في حالة سفر مباح.
نعم لو كان (قدس سره) ملتزما بعدم اعتبار التلبس بالسير في خصوص ما إذا عدل من الطاعة إلى المعصية دون عكسه لأمكن إصلاح كلامه بوجه آخر وهو ما قدمنا من أن وجوب الاتمام غير مشروط بشئ إلا انتفاء موجب القصر. فالسفر المباح إذا انقضى بانقضاء السير المباح فقد لزم الاتمام بخلاف ما إذا عدل من المعصية إلى الطاعة (3) فإن مجرد قصده لا يجعله مسافرا بسفر مباح فيتضح ما أفاده هنا من لزوم التلبس بالسير المباح لكنه مبنى آخر غير مبناه من كون جميع أكوان المسافر من سيره وسكونه حالات سفرية فراجع.
ثم إنه بناء على ما تقدم من وحدة السفر وعدم تعدده إلا بتخلل أحد القواطع الثلاثة لا فرق في العدول بين تبدل الغاية المباحة وعكسها وبين بقاء تلك الغاية