بعد عدم الخلاف في المسألة - كما ادعاه (قدس سره) - لا مدرك لها إلا أمران:
أحدهما: ما في ذيل خبر عقبة بن خالد حيث قال (عليه السلام) (فإذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتى يرد ماله إليه) (1) والضمير " لحقه " إما راجع إلى البائع أو إلى المشتري، فإن كان راجعا إلى البائع فالمراد ضمانه للثمن، لكنه يقتضي أن يقال حتى يرده إليه، ولا موجب لوضع الظاهر موضع المضمر، وإن كان راجعا إلى المشتري فالمراد أن المشتري خاسر لماله حتى يرد الثمن إلى البائع، فإن تلف الثمن حيث يوجب انفساخ البيع فلا محالة يرجع المبيع إلى البائع فيخسره المشتري، لكنه يوجب التفكيك بين الضمائر، لرجوع الأول إلى المشتري، والباقي إلى البائع.
إلا أن ترتب ضمان المبتاع على قوله (عليه السلام) (فإذا أخرجه من بيته) يناسب الثاني دون الأول، لأن انفساخ العقد بتلف الثمن لا ترتب له على قبض المبيع كما لا ترتب لانفساخ العقد بتلف المبيع على قبض الثمن، بخلاف خسارة المبيع فإنها من البائع قبل اخراجه من بيته، ومن المشتري بعد اخراجه من بيته، ومنشأ خسارة البائع له تلفه، ومنشأ خسارة المشتري تلف الثمن.
ثانيهما: صدق المبيع على الثمن فيعمه (كل مبيع تلف قبل قبضه) ووجه توهم الصدق ما اشتهر أن البيع من الأضداد فيصدق على الاشتراء.
وفيه: أنه على فرض صحة هذا المشهور لا يقتضي ذلك، لأن مقتضى كون البيع بمعنى الاشتراء أنه بمشتقاته كمشتقات الاشتراء فيصدق البائع على المشتري وباع بمعنى اشترى والمبيع على المشترى - بالفتح -، وليس هو إلا المعوض دون العوض.
نعم صدق البائع على المشتري مجد في قوله (عليه السلام) (فهو من مال بائعه)، لكنه بعد كون موضوع القضية هو المعوض على أي تقدير يتعين كون البائع بمعناه لا بمعنى المشتري، مضافا إلى أن مجرد كون البيع من الأضداد لا يجدي، لأنه لا يصح استعماله فيهما معا، بل لا يعقل فلا بد من فرض الجامع واستعماله فيه، والجامع بين الضدين وإن كان معقولا، بل لعله شرط التضاد المصطلح، إلا أنه لا يتوقف على