بالتخلية، بل يكفي فيه صيرورته مالكا بالعقد.
ومما ذكرنا تعرف أن عدم كون التخلية قبضا ليس باعتبار أنها فعل البائع، وأنه الاستيلاء وهو فعل المشتري، لما مر أن المبدأ صالح لملاحظته بالمعنى الفاعلي ولملاحظته بالمعنى المفعولي في التخلية والاستيلاء معا، وأن التخلية بالمعنى المتقدم لا تنفك عن الاستيلاء، وهي بمنزلة المحقق له، لا أنها عينه، وكفايتها في بعض الموارد ليست بملاحظة نفسها، بل ملاحظة ما يتحقق بها كما سيجئ (1) إن شاء تعالى.
منها: أن القبض وإن كان له معنى واحد في جميع الموارد، إلا أنه لازمه وحدة معناه في كل ما اعتبر القبض فيه بعنوانه كما في التلف قبل القبض، والقبض في الرهن وفي الهبة وفي الصرف وفي بيع المكيل والموزون قبل قبضه، وأما فيما لم يعتبر القبض بعنوانه فيه كما في رد المغصوب وأداء ما دخل تحت اليد، والتسليم الذي يقتضيه عقد البيع بقول مطلق، فإن لزوم الجامع بين جميع الموارد من النوعين بلا ملزم.
فلا بأس باختلاف مفهوم القبض بعنوانه مع ما لم يعتبر فيه، بل اعتبر فيه ما هو أعم منه، فإن رد المغصوب لا يقتضي إلا تمكين مالكه وجعله مستوليا عليه كما كان الغاصب مستوليا عليه، والتأدية المغياة بها اليد ليست إلا الخروج عن استيلاء ذي اليد ودخوله تحت استيلاء صاحبه، والتسليم في المبيع ليس إلا صيرورة المشتري على ما كان عليه البائع من تمكينه من جميع التصرفات الخارجية كالاعتبارية.
ولا موجب لمرادفة القبض مع غيره في معناه سعة وضيقا، بل القبض على ما هو المنساق من معناه عرفا في قبال البسط، ويعتبر في حقيقته ما يساوق الامساك المناسب للمقبوض بظهور أثر من آثاره من التصرفات الخارجية التي لها مساس بالعين خارجا، فمفهومه أخص من مفهوم الاستيلاء، فإنه لا يتحقق بدون الاستيلاء، إذ كل تصرف خارجي اختياري لا بد فيه من السلطنة والقدرة الفعلية على التصرف،