فهو كما عرفت سابقا لازم عقلي للملك يستحيل تخلفه للزوم الخلف المحال، فدعوى كون هذه الأخبار مخصصة لقاعدة التلازم بين الضمان والملك دعوى غير معقولة، لأن المراد بالضمان إن كان هي الغرامة فلا ملازمة، فما معنى التخصيص وإن كان هي الخسارة منه فالملازمة محققة، إلا أن تخصيصها يستلزم الخلف المحال.
وأما دعوى كون هذه الأخبار مخصصة لأدلة المشهور بانضمام قاعدة التلازم فالجواب عنها: أن المراد بالضمان المنصوص عليه في هذه الأخبار إن كان هي الغرامة - كما قيل به هنا وفي التلف قبل القبض - فقد عرفت أن الغرامة تقتضي أن تكون على غير المالك، فضمان البائع بهذا المعنى دليل على أن المشتري هو المالك دون البائع، فهذه الأخبار موافقة للعمومات لا منافية لها حتى تكون مخصصة لها.
وإن كان الضمان بمعنى الخسارة فهو كاشف عن أن الخاسر هو المالك، أما أنه هو المالك حين الخسارة أو مالك من أول صدور العقد فلا دلالة لهذه الأخبار عليه، بل الجمع بين أدلة المشهور ودليل التلف من البائع يقتضي القول بكون المشتري مالكا بنفس العقد إلى ما قبل ورود التلف، فحينئذ ينفسخ العقد ويملكه البائع، ويكون التالف منه كما هو مسلك المشهور في التلف قبل القبض والتلف في زمان الخيار، ولا موجب أصلا لكون البائع مالكا من الأول ببقائه على ملكه، فإنه تخصيص بلا مخصص، لأن المتيقن منه ثبوتا واثباتا هو الملك حال الخسارة، لا من أول الأمر، والضرورة تتقدر بقدرها، بل في الحقيقة ليس الانفساخ قبل التلف وتجدد الملك للبائع تخصيصا في أدلة تأثير العقد بنفسه في الملك، فإن الانفساخ والتجدد مؤكد لثبوت الملكية المطلقة المرسلة للمشتري بالبيع، وإنما هو مخالف لأصالة بقاء العقد على حاله وعدم ارتفاعه وانحلاله، وسيجئ (1) بعض الكلام بما يناسب هذه التتمة إن شاء الله تعالى.